[115_2]
يخففها، وإن الضجر منها هو يراكمها عليك، فتعهد من ذلك في نفسك خصلة قد رأيتها تعتري بعض أصحاب الأعمال، إن الرجل يكون في أمر من أمر فيرد عليه شغل آخر، ويأتيه شاغل من الناس يكره تأخيره، فيكدر ذلك بنفسه تكديرا يفسد ما كان فيه وما ورد عليه، حتى لا يحكم واحدا منها، فإن ورد عليك مثل ذلك فليكن معك رأيك الذي تختار به الأمور، ثم اختر أولى الأمرين بشغلك فاشتغل به حتى تفرغ منه، ولا يعظمن عليك فوت ما فات وتأخير ما تأخر، إذا أعلمت الرأي معمله، وجعلت شغلك في حقه.
21 - وقال في معنى التوقي من أكاذين الناس ونقلها: إياك والأخبار الرائعة وتحفظ منها، فإن الإنسان من شأنه الحرص على الإخبار لا سيما ما راع منها، فأكثر الناس من يحدث بما سمع ولا يبالي ممن سمع، وذلك مفسدة للصدق ومرزئة بالرأي، فإن استطعت ألا تخبر بشيء إلا وأنت به مصدق، وألا يكون تصديقك إلا ببرهان فافعل. ولا تقل كما يقول السفهاء أخير بما سمعت، فإن الكذب أكثر ما أنت سامع، وإن السفهاء أكثر من قائل، وإنك إن صرت للأحاديث واعيا وحاملا، كان ما تعي وتحمل عن العامة أكثر مما يخترع المخترع بأضعاف.
22 - وقال فيما يتأدب به السلطان: إنك إن تلتمس رضا الناس تلتمس ما لا يدرك، وكيف يتفق لك رضا المتخالفين، أم ما حاجتك إلى رضا من رضاه الجور، وإلى موافقة من موافقته الضلالة والجهالة، فعليك بالتماس رضا الأخبار وذوي العقول، فإنك متى تصب ذلك تضع عنك مؤونة ما سواه.
23 - احرص أن تكون خبيرا بأمور عمالك، فإن المسيء يفرق من خبرتك قبل أن تصيبه عقوبتك، وإن المحسن يستبشر بعلمك فيه، قبل أن يأتيه معروفك. ليعرف الناس من أخلاقك أنك لا تعاجلك بالثواب ولا بالعقاب، فان ذلك أدوم
صفحہ 115