4
وطيلسانه، ثم تقدمت فدخلت ردهة القصر الواسعة، حيث اجتمع العشاق المجانين من أجل وليمة، وتلفتت يمنة ويسرة، ورأت الفتى السادر الساهم الحزين تليماك، وقد تعقدت فوق جبينه هموم وهموم، وتغضنت ملء أساريره آلام وآلام.
وما هو إلا أن لمحها تليماك حتى أخذه من هيبتها شيء عظيم، فهب للقائها مسرعا، ثم مد إليها يده مصافحا وهو لا يعرف من هي، وقال: «مرحبا مرحبا بالغريب المكرم! هلم فشارك في ذلك القرى، ولنتحدث بعدها فيما أقدمك إلينا، مرحبا مرحبا وأهلا وسهلا.» ودلف نحو الصالة المزخرفة، وتبعته مينرفا وفي يمناها رمحها الجبار الذي يقدح من سنانه الشرر، حتى إذا بلغا العمود الأكبر الذي أسندت إليه مئات الرماح، والذي كان أوديسيوس يسند إليه رماحه وعدة حربه، تناول تليماك الرمح وأسنده بعد جهد، حيث برز بكل عظمته وكل جلاله بين رماح العشاق الفاسقين. وتقدم نحو أريكة وثيرة منعزلة، وسأل مينرفا فاستوت عليها، وكانا ثمة بمأمن من أن يستمع إليهما أحد. وأقبلت جارية فينانة رائعة تحمل طستا وإبريقا من الذهب، فصبت الماء على يدي الضيف ويدي تليماك، ثم مضت فأحضرت مائدة نسقت عليها الورود والرياحين، ونشط النادل
5
يحمل أطباق الطعام والفاكهة والحلوى، فيأتي بها ملأى، ويمضي بها فارغة. والندمان
6
فيما بين ذلك يجذب الزق
7
إليه ويسقي، ثم يسقي، وشرع العشاق المجرمون بدورهم يلتهمون ما لذ وطاب من أكل وشراب. حتى إذا انتهوا شرع فيميوس نايه وانطلق يغني.
وانتهز تليماك فرصة انصراف القوم إلى لهوهم وشرابهم فساءل الضيف قائلا: «يا أعز الأصدقاء، أرأيت إلى أولئك الفساق؟ لو أن رب البيت هنا أكانوا يلهون لهوهم هذا أو يفسقون فسوقهم هذا؟ كلا، لقد كانوا إذن أسرع إلى الهرب منهم إلى ذلك الطرب، ولكن، أواه! أين هو؟ أين أوديسيوس العظيم الذي انقطعت عنا أخباره، ويئست من أوبته دياره؟ ولكن حدثني بربك من أنت؟ ومن أي الأقاليم قدمت؟ ومن رجال البحر الذين ألقوا مراسيهم عند إيثاكا؟ أغريب أنت أيها السيد؟ أم كنت فيما خلا من الزمان من أصدقاء أبي وأحبائه؟»
نامعلوم صفحہ