فلم يزل أمره فيهم كذلك إلى أن حسده بعضهم وقالوا إلى متى يملكنا هذا العربي ونحن أهل القوة والمنعة والعز والسلطان؟ وجعلوا يتعرضون له في أطراف عماله وناحية داره؛ فعند ذلك كتب سليمة إلى أخيه هناة بن مالك بعمان يستصرخه , ويطلب منه المعونة والمدد , فأمده هناة بثلاثة آلاف من فرسان الأزد وأبطالهم بالعدد والدروع , وحملهم في المراكب حتى أوردهم إلى كرمان , فتحصلوا عند سليمة وأقاموا معه فشد بهم عضده؛ وأقام بهم أود من أعوج عليه من العجم؛ واستقام الأمر وسياسة الملك ولم يزل أمر سليمة بأرض كرمان مستقيما؛ وقد أذعن له أهلها يؤدون إليه خراجها؛ وولد له عشرة أولاد ومات بأرض كرمان؛ فاختلف رأي ولده من بعده , واضطرب أمرهم ودخل الناس بينهم؛ وكان ذلك سبب زوال أمرهم ورجوع الملك إلى العجم حين وجدوا عليهم المدخل , فاضمحل أمرهم وتفرقوا في أرض فارس وكرمان؛ وفرقة منهم توجهت إلى جبال عمان فلحقوا بإخوانهم , ومنهم الجلندى بن كركر وقد ملك عمان , ومن ولده الصفاق ومن ولده ملوك مرو؛ وجمهور بني سليمة بأرض فارس وكرمان لهم بأس وشدة وعدد كثير؛ وبعمان منهم الأقل.
ثم لم يزل الملك في أولاد مالك ولم يرجع أحد من الفرس إلى عمان حتى انقضى ملك ولد مالك بن فهم؛ وصار ملك عمان إلى آل الجلندى بن المستكبر؛ وهو من معولة بن شمس , وصار ملك الفرس إلى ساسان؛ وهم رهط الأكاسرة فتهادنوا هم وآل الجلندى بعمان على أن يجمعوا فيها أربعة آلاف من الأساورة والمرازبة مع عامل يكون له بها عند ملوك الأزد؛ فكانت الفرس في السواحل وشطوط البحر؛ والأزد ملوك في سائر البلاد , والأمور كلها منوطة بهم؛ وكان كل من غضب عليه كسرى من الفرس وأهل بيته ومملكته أو خافه على نفسه وملكه أرسله إلى عمان يحبسه بها , فلم يزالوا كذلك بين ظهراني الأزد إلى أن أظهر الله الإسلام بعمان فأخرجوهم منها على حسب ما سيأتي إن شاء الله تعالى.
صفحہ 37