ثم أنه أهوى على سليمة ليقبله ويضمه إليه فاسترخا ممائلا عليه حتى إذا تمكن منه أهوى على السكين من حجزة سراويله فوجأ بها الملك في خاصرته فأثبتها فيه , ثم أردفه الثانية في لبته فبعج بطنه , فخر الملك ساقطا على فراشه يخور في دمه خوار الثور.
ثم وثب من فوره ذلك فلبس درع الملك وبيضته وتقلد سيفه , ثم نظر إلى الملك وإذا فيه رمق الحياة فضربه بالسيف فأبان رأسه عن جسده , وبات ليلته على تلك الهيئة ولا يدري أحد ما عنده , وبات وجوه أهل كرمان الذين بايعوه ليلتهم في خوف ووجل لا يدرون ما يكون من أمره.
فلما أصبح وثب على الأبواب وفتحها؛ وخرج إلى حراس الملك وحاميته فشد عليهم فلم يزل يجالدهم بسيفه ويقتل من لحق منهم حتى أباد عامتهم , وباب الدرب مغلوق عليه وعليهم.
ثم تصايح الناس وتهاتفوا بالسلاح ووقع الصريخ؛ وأقبل إليه جماعة وجوه أهل كرمان أهل البيعة منهم وغيرهم من أعوان الملك في آلة حربهم وخيلهم وعددهم؛ فعندما أشرف عليهم سليمة من رأس الحصن وعليه الردع والبيضة شاهرا ليسف الملك بيده وهو مختضب بالدم , فألقى إليهم جثة الملك ورأسه , فلما نظروا إلى ذلك هالهم أمره وأكبروا شأنه وأعظموا وتحاجز الناس عنه , وسر بذلك بعض؛ فأمسك أمر الجميع , وحمد إليه عظماء أهل كرمان والأشراف منهم ممن كان بايعه؛ وصرفوا إليه جميع الناس؛ وفرحوا بذلك فرحا شديدا لما كان من عسف الملك وسوء سيرته فيهم.
ثم أنهم شدوا في رجل الملك حبلا وأمروا الصبيان أن يجروه ويطوفوا به في شوارع كرمان وسككها.
ثم اجتمع العظماء والأشراف فتآمروا بينهم في تمليك سليمة عليهم وتسليم الأمر إليهم دونهم , فاجتمعوا على ذلك فوفوا له بما بايعوه وصرفوا له جميع الناس واستقبلوه بالسمع والطاعة حتى استقر له الأمر وتمهد؛ ثم أنهم أهدوا إليه عرسه فابتنى بها , واستقر له أمر كرمان وأطاعه الجميع من أهلها فمكنوه من أنفسهم وأموالهم؛ وأعانوه على جميع أمره.
صفحہ 36