إن من ترجو به دفع البلا ... ... = ... سوف يأتيك البلا من قبله وفي ذلك عبرة لمن أعتبر وعظة لمن اتعظ , وسبب ذلك أن مالكا لما ملك عمان وأطراف العراق وما حول عمان وقعت بينه وبين ملوك اليمن تنافس وتحاسد إلى أن طمع كل واحد منهما في ملك الآخر , وكان مالك قد جعل على أولاده الحرس بالنوبة كل ليلة على رجل منهم مع جماعة من خواصه وأمنائه من قومه , وكان سليمة أحظى ولد مالك عنده وأقربهم إليه , وهو أصغر أولاده , فحسده إخوته وجعلوا يطلبون له زله عند أبيه وقومه , وكان مالك يعلم سليمة في صغره الرمي بالسهام إلى أن أتقنه , وكان يحرس كأخوته , وأقبل ذات يوم نفر من إخوته إلى أبيهم فقالوا يا أبانا إنك قد جعلت على أولادك الحرس بالنوبة وما أحد منهم وهو قائم بما عليه ما خلا سليمة فإنه أضعف همة وأعجز , وانه إذا جن الليل يعتزل عن فرسان قومه ويتشاغل بالنوم والغفول عما يلزمه فلا يكن لك فيه كفاية ولا غنى , وجعلوا يوهنون أمره عند أبيه وينسبونه إلى العجز والتقصير , فقال لهم مالك أنكم لكذلك وما أحد منكم إلا هو قائم بما عليه , وأما قولكم في ابني سليمة فليس هو كذلك وإن ظني فيه كعلمي ولم تزل الإخوة يحسد بعضهم بعضا لإيثار الآباء بعضا دون بعض , فانصرفوا من عنده راجعين بغير ما كانوا يأملون.
صفحہ 28