ذكر سلطنة السلطان الملك المنصرور أبى الملوك سيف الدنيا والدين قلاوون الصالحى المخدوم، تقمده الله بالرضوان وأسكنه الجنان ، وأجزاه عما أولانا من الاحسان وثبت قواعد نبيته واكدها، وقوى دعائم ناصره وشيدها.
وذلك فى سنة ثمان وسبعين وستمائة، يوم الأحد الثانى والعشرين من قال الراوى : ولما سأله الأمراء وتوسل إليه الكراء أن يلى الأمر بنفسه لتطمئن القلوب وينتشر الصيت إلى البعيد والقريب ، أذعن لموافقتهم وجنح لمقالهم لما ترجح ذلك عند خماعتهم . فجلس على منبر الملك وسريره، وأخذ فى توثيقه وتدبيره، وخطب [ له على المنابر فى الوقت المذكور، ولقب بالسلطان الملك المنصور، وكتب إلى الأفاق الكتب يتجديد ملكه واتتظام المالك الإسلامية فى سلكه . فضربت البشائر بكل مكان، وخضع كل قاص ودان واستكان، وخطب له على المنابر وعم الهناء البادى والحاضر، وتشرفت بسمة اسمه النقود وتطرزت يرقم رسمه عذبات الأعلام والبرود، وكانت النفوس تشهد بسلطنته وتتوسمها على سمته . وكان الظاهر قاطعا بمصير الأمر إليه، وكان ذلك هما بعثه على صلته ومصاهرته، وبشره بالسلطنة الشيخ الصالح على البكا كما ذكرنا. ثم بعد ذلك ، رأى له بعض حاشيته مناءاوكان هاتفأ يقول له: هذا قلاوون يكسر هلاوون . فلما قص عليه فى إمرته المنام، قال: هذه أضغاث أحلام . فكان الأمر محررا والحلم ميشرا وذاع حديث المنام فيما يدور بين الناس من الكلام . فقال قائل شعرأ فيه تعريض به وهو :
ملك كأن البحر جود مينه
وكأن نور الشمس ضوء جبينه
تزهو المواكب والكواكب دائما
هذا وتلك (....) وحصونه
صفحہ 91