في قول النحاة جاء زيد راكبا؟ وهل الحال المعنوية الحادثة في حقنا مخلوقة تتعلق بها القدرة أم لا؟ هذا تمام ما لهم من سؤال.
فأقول بحول من به الفكر يجول: إن سؤالك في الحال سؤال عن عنقاء مغرب، وقد اختلف الناس قديما وحديثا في إثباتها وتقييمها.
والثابت المحقق لكل الأذهان لا يقدر على نفيه إنسان. وأدلّة نفاتها كثيرة، وأدلّة مثبتيها كذلك. وقد ألَّف كل في قصده، وألَّف بعض العلماء نصافة بينهما بعد اطلاعه على غاية ما وصل إليه عقول الفريقين، وذكر كلامهم، وكلام المصنف بينهم، يتلخص لك ما هي عند من أثبتها.
وإن علم أن أول من تكلم في الحال الجبائي، وأبو هاشم (١)، وما كانت مذكورة قبلهما أصلا، فأثبتها أبو هاشم، ونفاها أبوه الجبائي (٢).
وأثبتها الباقلاني (٣) بعد أن تردد فيها. ونفاها صاحب مذهبه
_________
(١) الجبائي عبد السلام بن محمد عبد الوهاب (٢٤٧ - ٣٢١ هـ = ٨٦١ - ٩٣٣): عالم بالكلام من كبار المعتزلة، له آراء انفرد بها. وتبعته فرقة سميت " البهشمية". له مصنفات في الاعتزال كما لأبيه. انظر الإسفراييني، التبصير في الدين ص٨٦. الخطيب البغدادي، تاريخ بغداد ج١١/ ٥٥.
(٢) محمد بن عبد الوهاب الجبائي (٢٥٣ - ٣٠٣ هـ = ٨٤٩ - ٩١٦ م): من أئمة المعتزلة. ورئيس الكلام في عصره، وإليه نسبة الطائفة الجبائية، له " تفسير " حافل مطول رد به على الأشعري. انظر ابن خلكان، وفيات الأعيان ج١/ ٤٨٠. طاش كبرى زادة، مفتاح السعادة ج٢/ ١٢٥.
(٣) الباقلاني محمد بن الطيب، أبو بكر (٣٣٨ - ٤٠٣ هـ = ٩٥٠ - ١٠١٣ م): قاض، من كبار علماء الكلام. انتهت إليه الرياسة في مذهب الأشاعرة. من كتبه: " الإنصاف"، " الاستبصار"، " الملل والنحل" ... انظر الخطيب البغدادي، تاريخ بغداد ج٥/ ٣٧٩. ابن خلكان، وفيات الأعيان ج١/ ٤٨١.
1 / 52