فالجواب: إن الجائز ما لا يلزم على فرض وقوعه محال لذاته. وهذا الواقع لم يلزمه منه محال لذاته، وإنما جاءه المحال من عارض، وذلك لا يدفع الجواز الأصلي، كما تقول في الموجود: إنه جائز الوجود والعدم، يعني من حيث ذاته. وإن كان عدمه محالا يعني لمشاهدة وجوده، فإن العارض لا يدفع الحكم الأصلي.
فمعناه موضحا، فقد جعل محل سؤالكم واستشكالكم استشهادا، فإذًا يقال: إنه جائز من حيث ذاته مطلقا قبل الوجود وبعده. فإن اعتبرت العارض ذكرته مقيدا، فقلت: واجب الوجود لفرض وجوده، بخلاف ما بالذات فإنه عند الإطلاق ينصرف الذهن إليه.
إيضاح آخر: أن لو لم نعتبر الذات لما بقي جائز، واللازم باطل، فالملزوم مثله بيان الملازمة أن علمه قد أحاط بالجائز على تفاصيله من كونه يقع أو لا يقع، فلو اعتبرنا العارض كالعلم العارض للجائز لما بقي جائزا، إذًا ما علم عدمه يكون واجب العدم، وما علم وجوده يكون واجب الوجود قبل أن يوجد. فكيف بعد الوجود؛ فثبت أن الجواز يثبت للجائز من حيث هو هو، وأن الوجوب يثبت له من حيث فرض الوقوع لأحد طرفيه بعارض الوجود المشاهد أو المعلوم، فتأمل ذلك حق التأمل، وكن من الشاكرين.
ثالثها: قولهم ما هو الحال في كونه قادرا؟ هل ما يفهم من القادرية بين كونه وقادرا، وكذا في كل صفة؟ وهل هنا كالحال
1 / 51