تكفي إلا على ما ذكره بعض القدرية، وأطبق علماؤنا على فساده.
فالفرق أن التصديق عبارة عن ربط القلب على ما علم من أخبار المخبر، وهو أمر كسبي يثبت باختيار المصدق، ولهذا يثاب عليه، ويجعل رأس العبادات، بخلاف المعرفة فإنها ربما تحصل بلا كسب كمن وقع بصره على جسم فحصل له معرفة أنه جدار أو حجر.
فالتصديق إذًا هو أن تنسب باختيارك الصدق إلى المخبر حتى لو وقع ذلك في القلب من غير اختيار، لم يكن تصديقا وإن كان معرفة. هذا حاصل هذا المذهب، والتصديق عنده فعل، والحق أنه انفعال.
فإن قلت: إذا كان انفعالا فكيف يكلف به؟ والكيفية كالغريزة للنفس بعد الدليل، فكيف يكلف به؟ وكيف يثاب عليه؟ وكيف يجعل رأس العبادات؟
قلنا: لما كانت تلك الكيفية لا تحصل إلا بالاختيار في مباشرة الأسباب. وصرف النظر، ورفع الموانع، كان فيه ما ذكر. وهذا كله منحوت من السعد التفتازاني (١) في شرحه
_________
(١) السعد التفتازاني مسعود بن عمر (٧١٢ - ٧٩٣هـ = ١٣١٢ - ١٣٩٠م): من أئمة العربية والبيان والمنطق. من كتبه: شرح المقاصد - ط. شرح العقائد النسفية - ط. حاشية على شرح العضد على مختصر ابن الحاجب. ط. في الأصول. انظر ابن حجر العسقلاني، الدرر الكامنة ج٤/ ٣٥٠. طاش كبرى زادة، مفتاح السعادة ج١/ ١٦٥.
1 / 44