وهو في أوائل علم الميزان كذلك، على ما صرح به رئيسهم ابن سينا (١)، فلو حصل هذا المعنى لبعض الكفار، كان إطلاق اسم الكافر من حيث إنه عليه شيء من أمارات التكذيب والإنكار، كمثل إذا فرضنا أن أحدا صدق بجميع ما جاء به محمد ﷺ وعمل، ومع ذلك شد الزنار، أو سجد للمسيح بالاختيار؛ لأن النبي ﷺ جعل ذلك علامة التكذيب والإنكار.
فالإيمان الذي هو التصديق من أقسام العلم. وهو من الكيفيات النفسانية دون الأفعال الاختيارية. مثلا تصورنا النسبة بين شيئين وشككنا فيها، أهي بالإثبات أم بالنفي؟
ثم أقمنا البرهان على ثبوتها، فالذي يحصل لنا هو الإذعان والقبول لتلك النسبة وهو معنى الحكم والإيقاع والإثبات، وهذا هو الحق، لا ما ذهب إليه بعض المحققين وبعض المشايخ في مساق التفريق بين المعرفة والتصديق من حيث إن المعرفة لا
_________
(١) ابن سينا الحسين بن عبد الله (٣٧٠ - ٤٢٨ هـ = ٩٨٠ - ١٠٣٧ م): الفيلسوف، صاحب التصانيف في الطب والمنطق والطبيعيات. من كتبه: " القانون - في الطب"، " الشفا - في الحكمة"، "الإشارات" ... انظر عباس محمود العقاد الشيخ الرئيس ابن سينا. حمودة عرابة، ابن سينا بين الدين والفلسفة
1 / 43