9
يوجد عيب سنعود إلى الحديث عنه في الفصل القادم، وهو أن بعض الأشخاص الثنائيي اللغة الذين يكونون ثنائيي الثقافة أيضا، لا يشعرون بالانتماء إلى أي من المجموعتين الثقافيتين؛ فيشعرون بأنهم غرباء عن ثقافتيهم، خاصة في اللحظات الفارقة في حياتهم (على سبيل المثال: عند عودتهم إلى وطنهم الذي لم يعد وطنهم).
على الرغم من هذه المميزات والعيوب، فإني عندما سألت ثنائيي اللغة عما إذا كانوا يشعرون بوجود أي اختلاف بينهم وبين الأشخاص الأحاديي اللغة؛ أجابوا، بوجه عام، بعدم شعورهم بهذا، فيما عدا حقيقة أن لديهم أكثر من لغة، ومن ثم يستطيعون التواصل مع مزيد من الأشخاص. (3) نظرة الأشخاص الأحاديي اللغة للثنائية اللغوية
يوجد تفاوت كبير بين مواقف ومشاعر الأشخاص الأحاديي اللغة تجاه الثنائيي اللغة والثنائية اللغوية، وتتراوح المواقف بين إيجابية للغاية وسلبية للغاية. أقر هذا الأمر الخبير العالمي في الثنائية اللغوية، أينار هوجن، في عام 1972، ولا يزال ما أقره ينطبق في عصرنا الحالي في كثير من الأماكن:
إن الثنائية اللغوية مصطلح يثير ردود فعل متفاوتة تقريبا في كل مكان. من ناحية، بعض الناس سيقولون: «ما أجمل أن يكون المرء ثنائي اللغة!» ومن ناحية أخرى، يحذرون الآباء ويقولون لهم: «لا تجعلوا أطفالكم ثنائيي اللغة.»
10
لا يوجد فقط اختلاف في الآراء بشأن الأشخاص الثنائيي اللغة البالغين مقارنة بالثنائيي اللغة الأطفال، وإنما يوجد اختلاف أيضا على وجه الخصوص فيما يتعلق بالأشخاص الثنائيي اللغة أصحاب المكانة الاجتماعية والاقتصادية الأعلى مقارنة بالأشخاص الثنائيي اللغة الذين هم في مكانة أقل ، خاصة المهاجرين أو أعضاء إحدى الأقليات اللغوية. فبينما تبهر الفئة الأولى الأشخاص الأحاديي اللغة بقدرتها على إجادة اللغات والتحرك بسهولة بين لغة وأخرى، فإن الفئة الثانية تكون النظرة إليها سلبية أكثر، خاصة إذا تحدثوا بلكنة في لغتهم السائدة وكان لديهم أطفال يواجهون صعوبات في التأقلم في مدارسهم الأحادية اللغة. وإن كثيرا من الخرافات التي تحدثنا عنها في هذا الكتاب تنشأ من وجهة النظر الثانية للأشخاص الأحاديي اللغة في الشخص الثنائي اللغة.
على عكس الدول الأوروبية الأصغر ودول قارتي أفريقيا وآسيا حيث يعتبر التعدد اللغوي هو القاعدة، فإن الولايات المتحدة وغيرها من الدول الكبيرة مثل إنجلترا وفرنسا، لم تدعم كثيرا سكانها الذين يعيشون حياتهم مستخدمين لغتين أو أكثر. وهذا ما قاله عالم اللغة باري ماكلوكلين منذ وقت طويل، في عام 1978:
في الولايات المتحدة تعتبر الأحادية اللغوية بطبيعة الحال هي القاعدة. وقد كانت الثنائية اللغوية تعتبر وصمة عار وعائقا اجتماعيا ... ولا علاقة لهذا العداء تجاه الثنائية اللغوية باللغة في حد ذاتها؛ فهذا العداء ليس موجها للغة بل للثقافة. فيعبر الشخص الثنائي اللغة عن أسلوب غريب في التفكير وقيم غريبة.
11
نامعلوم صفحہ