The Dialogue Approach through the Biography of Musab bin Umair and its Educational Applications
أسلوب الحوار من خلال سيرة مصعب بن عمير ﵁ وتطبيقاته التربوية
اصناف
سادسًا: التعريض والتلميح بدل التصريح:
إن الحوار الناجح يقوم على الوضوح والصراحة بين المتحاورين، وذلك في طرح الآراء والأفكار؛ لما للوضوح من إعانة على فهم أبعاد الحوار، والوصول في الغالب إلى نتيجة مرضية، ولكن يحتاج المحاور في بعض آرائه أحيانًا إلى التلميح في حواره دون التصريح؛ لأن بعض الآراء يجلب التصريح فيها أضرارًا تعيق سير الحوار، فالمحاور الذكي لا بد أن يكون فطنًا لتلك الآراء التي تحتاج إلى تلميح وتعريض، والنبي ﷺ يصرح في كلامه غالبًا ويعرض أحيانًا، ففي غزوة بدر أخذ يعرض بكلامه ﷺ يريد به أناسًا، فكلما تكلم أحد أعرض عنه ليُفهم منه أنه لا يريده، حتى نطق الذي يعنيه ﷺ، فعن أنس ﵁، أن رسول الله ﷺ شاوَرَ حين بلغه إقبال أبي سفيان، قال: فتكلم أبو بكر ﵁، فأعرض عنه، ثم تكلم عمر ﵁، فأعرض عنه، فقام سعد بن عبادة ﵁، فقال: إيَّانا تريد يا رسول الله؟ والذي نفسي بيده، لو أمرتنا أن نخيضها البحر لأخضناها (١)، ولو أمرتنا أن نضرب أكبادها إلى برك الغماد (٢) لفعلنا، قال: فندب رسول الله ﷺ الناس، فانطلقوا حتى نزلوا بدرًا ... " (٣)، فقد أثّر تعريض النبي ﷺ، وكان لوقع هذا التعريض في قلب سعد بن عبادة ﵁ كبيرًا.
(١) الْخَوْضُ: الْمَشْيُ فِي المَاء. الهروي، محمد بن أحمد: تهذيب اللغة، دار إحياء التراث العربي، بيروت، ط١، ٢٠٠١م، ٧/ ١٩٦. (٢) برك الغماد: مَوضِع فِي أقاصي هجر. السبتي، عياض موسى: مصدر سابق، ١/ ١٧٨. (٣) مسلم: صحيح مسلم، دار الفكر، بيروت، ط١، ١٤٢٤هـ، كتاب الجهاد والسير، باب غزوة بدر، ص٩٠٠، رقم (١٧٧٩).
1 / 85