234

The Arabs in Sicily

العرب في صقلية

ناشر

دار الثقافة

ایڈیشن

الأولى

اشاعت کا سال

١٩٧٥

پبلشر کا مقام

بيروت - لبنان

اصناف

لقدرتُ أن تعودَ لقومها ... فساءت ظنوني ثم أصبحت يائسا
وعزّيتُ فيها النفس لما رأيتها ... تكابد داءً قاتل السمّ ناحسا
وكيف وقد سيمتْ هوانًا وصيرتْ ... مساجدها أيدي النصارى كنائسا
إذا شاءت الرهبنُ بالضرب أنطقتْ ... مع الصبح والإمساء فيها النواقسا
صقليةٌ كاد الزمانُ بلادها ... وكانت على أهل الزمان محارسا
فكم أعين بالخوف أمستْ سواهرًا ... وكانت بطيب الأمن منهم نواعسا
أرى بلدي قد سامه الروم ذلة ... وكان بقومي عزه متقاعسا
وكانت بلادُ الكفر تلبس خوفه ... فأضحى لذاك الخوف منهن لابسا ومن حقنا هنا أن نسجل لابن حمديس هذه الروح الدينية التي شاعت في هذه القصيدة، إذ لم نلمسها من قبل إلا في كلمة الجهاد المبهمة، أما هنا فإن المسجد قد احتل مكانته من نفس الشاعر، والغيظ على تلك النواقيس التي كان يدقها الرهبان دق في صدره - كان ابن حمديس يحب الوطن سواء اقترن بشعور ديني خاص أو لم يقترن، كانت ذكرياته من ذلك الوطن سيفًا وكأسًا وقينة، فلو أنه كان يمس الوتر الديني في قصائده لكان كاذبًا مع حياته ومشاعره. لقد كان يقدم الوطن على كل اعتبار آخر لأنه " الدين " الأول الذي يؤمن به، أما في هذه القصيدة فإن الدين لا يذكر إلا سمة من سمات التغير التي جرت على الوطن وأهله. وحسبك أن لا تلمح في ذكر الدين هذا استنفارًا أو طلبًا للنجدة، فكل ما هناك صورة من تغير حال الوطن بعدما فقد حماته الأبطال، ولذلك ذهب ابن حمديس يثني على بطولتهم ويشيد بانتصاراتهم في قلورية، ويعرج على قصريانة فيبكي دروس الإسلام منها، ويتذكر سرقوسة وكيف أصبحت دار منعة لأعدائها، ولا عجب فقد أصبح أهلها الأبطال تحت الثرى، ولم يكن للأعداء حيلة فيها وهم فوقه، والذئب يتبخر في الغيل حين يغيب الأسد.

1 / 243