قلنا: لعل ذلك بمعرفة يوسف بأن إخوته يمنعون الرسول ونحوه من تبليغ أبيهم، هذا أشار إليه الحاكم وهو يمكن أن يقال: لعل ذلك لمصلحة دينية أعلمها الله تعالى يوسف -عليه السلام- ولم يخبر بها، والله أعلم.
وروي أن يوسف لما أدخل أباه المخازين فأدخله مخزان القراطيس قال: يابني ما أغفلك عندك هذه القراطيس وما كتبت إلي على ثمان مراحل؟ قال: أمرني جبريل -عليه السلام- فسأل يعقوب جبريل فقال: الله أمرني بذلك لقولك: وأخاف أن يأكله الذئب، قال: فهل خفتني.
وقيل: إن يعقوب اشترى جارية مع ولدها فباع ولدها فبكت حتى عميت.
وروي أن الله تعالى أوحى إلى يعقوب: ((إنما وجدت عليكم لأنكم ذبحتم شاة فقام ببابكم مسكين فلم تطعموه، وإن أحب خلقي إلي الأنبياء، ثم المساكين، فاصنع طعاما ثم ادع عليه المساكين)) وهذه مسألة فقهية أنه لا يجب التفرق بالبيع بين ذوي الأرحام في حال الصغر، وفي ذلك تفصيل وخلاف.
قوله تعالى:
{يا أيها العزيز مسنا وأهلنا الضر وجئنا ببضاعة مزجاة فأوف لنا الكيل وتصدق علينا إن الله يجزي المتصدقين}
هذه الجملة قد تضمنت ثلاثة أمور وهي: جواز الشكاء لدفع المضرة، وسؤال الصدقة، وجواز أخذها مع السؤال.
أما الأول فذلك جائز لدفع الضرورة، وقد يحب الشكا إذا كان فيه وقاية روح، أو دفع مضرة، أو زوال منكر، وأرادوا بقولهم: مسنا وأهلنا الضر، يعني الهزال من الشدة والجوع، وقيل: بهلاك مواشينا، وقوله: ببضاعة مزجاة أي : مدفوعة يدفعها كل تاجر رغبة عنها، قيل: كانت من متاع الأعراب جبونا ,وسمنا.
وقيل: تسويق المقل, والاقط، والمقل الدوم، وقيل: الصنوبر وهو شجر أخضر في الشتاء والصيف.
وقيل:النعال ,والأدم، وقيل: دراهم زنوف.
صفحہ 88