فمنهم من قال: يخرج من عين العائن شعاع يتصل بمن رآه فيؤثر فيه تأثير السم، وضعفه الحاكم، قال: لأنه لو كان كذلك لما اختص ببعض الأشياء دون بعض، ولأن الجواهر متماثلة فلا تؤثر بعضها في بعض.
ومنهم من قال: هو فعل العائن، قال: وهذا لا يصح؛ لأن الجسم لا يفعل في جسم آخر شيئا إلا بمماسة يعني أو ما في حكمها من الاعتمادات، ولأنه لو كان فعله وقف على اختياره.
ومنهم من قال: إنه فعل الله تعالى أجرى العادة بذلك لضرب من المصلحة، وصحح هذا الحاكم، وهو الذي ذكره الزمخشري ,والأمير الحسين ,وهو قول القاضي ,وأبي هاشم، ذكره عنهما في التهذيب، وقد انطوى ما ذكرنا على ماهية العين والخلاف في ذلك، وما ينبغي للعاين أن يفعله ويقوله ونفي الكلام في الضمان،
وقد قال بعض المفرعين للمذهب: أنه يضمن ويقاد لأنه مباشر، وهذا محتمل لأنه كالسحر، وقد قال في (شرح الإبانة): أنه لا يضمن الساحر عندنا وأبي حنيفة، ويضمن عند الشافعي، ولا يقال : فلم وجب الضمان والقود إذا قتل بالسم أو بالإحراق مع أن الإحراق ومضرة السم فعل الله، لأن المضرة بالسم والإحراق معلومة.
قوله تعالى:
{ثم أذن مؤذن أيتها العير إنكم لسارقون}
ههنا سؤال وهو أن يقال: احتباسه لأخيه بغير حق لا يستباح في الظاهر مع ما في ذلك من حزنه وحزن أبيه، وحزن إخوته، وتسريقهم وليسوا بسارقين، وإدخال التهمة عليهم، والقول بأنهم سارقون ظاهره الكذب؟
جواب ذلك: أن يقال: أما حبس أخيه فعن أبي علي :كان بموطأة بينهما، ورضا منه، وحبسه بسبب لا يمكن أقل للحزن مع يعقوب من حبسه بغير سبب باطل.
وقيل: يجوز مع الغم المذكور؛ لأن فيه دفع عموم كبيرة، وفعل الأقل لدفع الأكثر جائز، وكان فعل ذلك بوحي، ولهذا قال تعالى: {كذلك كدنا ليوسف} يعني علمناه إياه وأوحينا إليه به.
صفحہ 82