الرابع: أن أحدا من ولده لصلبه لم يعبد صنما، وإنما عبد بعضهم الأوثان، وهذا مروي عن مجاهد.
وسئل ابن عيينة: كيف عبدت العرب الأصنام؟ فقال: ما عبد أحد من ولد إبراهيم صنما، واحتج بالآية، وقال: إنما كانت أنصاب حجارة لكل قوم، قالوا: البيت حجر فحيثما نصبنا حجرا فهو بمثابة البيت، وكانوا يدورون بذلك الحجر ويسمونه الدوار، فاستحب أن يقال: طاف بالبيت ولا يقال دار.
قال الحاكم: هذا بعيد؛ لأنه -عليه السلام- لم يرد بالدعاء إلا عدم عبادة غير الله.
وقوله تعالى:{فمن تبعني فإنه مني}
أي : من اتبعني في الدين فإنه مني أي : يعصي لغرض اختصاصه به.
وقوله تعالى:{ومن عصاني فإنك غفور رحيم}
اختلف في المعنى بذلك،
فقيل: ليس في هذا دعاء للعاصي، ولكنه فوض الأمر في الحكم إليه.
وقيل: دعاء بأن يمهلهم بالعقاب ليتوبوا: رواه الحاكم عن القاضي ورجحه.
وقيل: دعاء على قضية العقل ثم نهى الشرع.
وقيل: من عصاني ثم تاب :عن ابن عباس ,والحسن, والسدي، والأصم.
وقيل: من عصاني بدون الشرك.
قال الحاكم: وليس بالوجه لأنه جرى ذكر الكفر، ولأن دون الكفر لايقطع بغفرانه.
ولهذه الآية ثمرات:
بعضها يظهر من اللفظ، وبعضها من كلام المفسرين:
منها: الترغيب في الدعاء باللطف بما يجنب عن المعاصي.
ومنها: جواز الدعاء بما يعلم قطعا أنه كائن، ذكره أبو القاسم فيكون تعبدا وتذللا؛ لأن إبراهيم -عليه السلام- كان يعلم قطعا أن الله تعالى مجنب له.
ومنها: جواز إضافة الفعل إلى السبب؛ لأنه أضاف الإضلال إلى الأصنام وليس فعلهن.
ومنها: كراهة تسمية الطواف دوارا.
ومنها: أنه لا يجوز الدعاء للعاصي بالمغفرة، لأجل ذلك تأول المفسرون الآية.
ومنها: أمان من دخل البيت الحرام من الصيد أو من التجئ إليه، وفي ذلك تفصيل وخلاف قد تقدم.
قوله تعالى:
صفحہ 106