الغلام يتجنى عليه، ويعرض عنه كثيرا، فبينما هو ذات ليلة وقد انفرد بنفسه ليشرب الخمر إذ ذكر محبوبه فجرى بخاطره ما يفعله به من التجني فزاد سكره، وقام من الفور وقد غلب عليه الغرام وسكر المدام، فأخذ قبس نار وجعله عند باب الغلام ليحرق عليه داره فلما دارت النار بالباب بادر الناس باطفائها واعتقلوه فلما أصبحوا نهضوا به إلى القاضي فأعلموه بفعله فقال له القاضي: لأي شيء أحرقت باب هذا الغلام فأنشد على الفور:
لما تمادى على بعادي ... وأضرم النار في فؤادي
ولم أجد من هواه بدا ... ولا معينا على السهاد
حملت نفسي على وقوفي ... ببابه وقفة الجواد
فطار من بعض نار قلبي ... أقل في الوصف من زناد
فاحرق الباب دون علمي ... ولم يكن ذاك من مرادي
قال فاستطرف القاضي واقعته واستملح شعره ورق لحكاية حاله وتحمل عنه ما أفسده من باب الغلام وأطلقه.
ومما يناسب هذه اللطائف قيل: إنه رفع إلى المأمون أن حائكا يعمل السنة كلها لا يتعطل في عيد ولا جمعة، فإذا ظهر الورد طوى عمله وغرد بصوت عال:
طاب الزمان وجاء الورد فاصطحبوا ... ما دام للورد أزهار وأنوار
فإذا شرب مع ندمائه على الورد غنى:
صفحہ 31