لم يفسد شيئا منه دخول من دخل فيه ثم خرج ولم يغيره وكذلك مثل موت ما ليس له دم فى الشراب والإدام فى الظاهر وأنه لا يفسده ذلك ومثل من دخل فى علم الحق ولا علم له غيره فهلك لضعف احتماله عما تحمل منه ولم يشبه بشيء من الباطل أن ذلك لا يفسده العلم ولا يغيره، فافهموا فهمكم الله علم ما تعبدكم الله به ظاهرا وباطنا.
أعانكم الله على ذلك وفتح لكم فيه.
فأما تأويل ما جاء فى الزيت والسمن إذا مات فيه ما له دم وكان جامدا إنه إنما يفسد منه ما كان يليه منه دون سائره فمثل ذلك فى الباطن مثل من هلك كما ذكرنا ممن دخل فى العلم إذا لم يكن يتجر فيه وكان ممنوعا منه مقبوضا عليه غير ما وصل إليه من بعض حدوده وأجزائه فإنما يفسد منه ما وصل إليه وألبسه بباطله دون غيره مما لم يصل إليه ولم يغيره بالباطل.
أما تأويل ما جاء أن ذلك يجوز وإن فسد أن يستصبح به وأن يعمل من الزيت صابون يغسل به وإن كان نجسا لا يجوز أكله وينجس ما أصابه فإن مثل ذلك فى الباطن أن ذلك العلم الذي ألبس بالباطل وإن كان لا يجوز اعتقاده ولا العمل به فإن اعتباره والنظر فيه وتمييز حقه من باطله جائز لأهل المعرفة والبصائر الصحيحة كما أن السراج إنما يضيء لأهل الأبصار السالمة ولا يضيء للعميان ولا ينبغى أن ينظر فيه من لا معرفة ولا بصيرة له ولا نفاذ فى العلم واتخاذ ذلك صابونا تغسل به الثياب فى الظاهر، مثله فى الباطن أن من استخلص من ذلك العلم الفاسد من أهل التمييز والبصائر علما يضبطه ويزمه ولا يبيحه غيره كما يكون الصابون كذلك جامدا كما وصفنا فى السمن والزيت الجامدين مثلهما من لم يطلق من العلم فإن من فعل ذلك إذا كان من أهله وعلم كيف يستخلص ذلك ويحيله عن صفته التى كان عليها من الباطل إلى الحق كما علم من أحال الزيت صابونا صنعة ذلك أن له أن يستعمل ذلك العلم فى إزالة الشك والفساد عن ظاهر دينه الذي مثله مثل الثياب وأنها إذا اتسخت غسلت بالماء والصابون واستنقيت، كذلك يستعمل ما يستخلص من ذلك مع العلم الحقيقى الذي مثله مثل الماء الطاهر العذب فى إنقاء ظاهر الدين مما يتداخله من الشك والفساد وإنما يستعمل ذلك ويتولاه من يحسنه ويقوم به ممن هو له وأذن له فيه كما لا يغسل المرء إلا ثوبه وما أذن له فى غسله من
صفحہ 139