فأما الكافر فلا عورة له ولا حرمة فالعورة مخرج الحدث وما يليه.
وقد جاء أن عورة الرجل ما بين السرة والركبتين، وأن المرأة عورة كلها، فباطن ذلك أن أمثال الرجال كما ذكرنا أمثال المفيدين وهم الذين يفيدون من دونهم من المؤمنين العلم والحكمة، وهم فى ذلك على طبقات بعضها فوق بعض فكل مفيد مثله مثل الذكر وكل مستفيد مثله مثل الأنثى، والمستفيد يجب عليه ستر جميع ما يفيده المفيد، فمثله فى ذلك مثل المرأة التى يجب سترها كلها والمفيد لا ينبغى له كشف جملة ما عنده من ذلك لمن يفيده وإنما ينبغى له أن يفيده أطرافا من الحكمة والعلم ويكشف من ذلك لكل من يفيده بقدره ويكون عنده من ذلك ما يستره عمن دونه ليستحق به الفضل عليه وكان الذي يجب ستره على الرجل ثلاثة أشياء من بدنه فخذاه وفرجاه وفكاه ومن ذلك قوله تعالى:@QUR031 «يا أيها الذين آمنوا ليستأذنكم الذين ملكت أيمانكم والذين لم يبلغوا الحلم منكم ثلاث مرات من قبل صلاة الفجر وحين تضعون ثيابكم من الظهيرة ومن بعد صلاة العشاء ثلاث عورات لكم» [1] فعنى بالذين آمنوا هاهنا المفيدين وبالذين ملكت أيمانكم المستفيدين منهم غير المأذون لهم وبالذين لم يبلغوا الحلم المحرمين المستفيدين والمأذونين الذين لم يبلغوا حد الإطلاق، فأمر المفيدين أن يستروا عنهم من هذه الثلاث العورات كلها فلا يفاتحوهم بما فى حدودها من العلم حتى يجب ذلك لهم ولذلك يجب أيضا الستر عند الخلاء فى الغائط والبول وكل الأحداث وعند الجماع ومثل ذلك فى الباطن أن تكون معاملة المفيدين للمستفيدين فى خلوة وستر فيما يلقونه إليهم ويحدثونهم به من العلم والحكمة ويزيلونه عنهم بذلك مما كانوا عليه من الكفر والشرك والنفاق والمعاصى التى مثلها ما قدمنا ذكره فلا يكون أخذهم العهود عليهم وإلقاؤهم ما يلقونه إليهم وتعريفهم ما به يعرفون إلا فى ستر كما يكون ذلك فى الظاهر من أمثاله التى ذكرناها حذو النعل بالنعل، فمن ذلك ما جاء من الأمر بستر العورة والارتياد لمواضع الخلاء والبول والأحداث والتستر عندها وعند الجماع فى الظاهر والباطن على ما شرحناه وبيناه، وأما النهى عن البول والغائط فى الماء وعن صب الماء عليهما فمثل ذلك فى الباطن النهى عن شرب العلم بالشرك والكفر إذا كان ذلك
صفحہ 83