والثياب فى التأويل الظاهر لأن الثياب ظاهرة فأمره الله بإقامة ظاهر الشريعة وتطهيره من أنجاس الكفرة الجاهلية وما كانت تعبده وتذهب إليه فى ظاهر ما تتدين به وكذلك يجب كما ذكرنا على المؤمنين أن يبدأ ويبتدئ به من يعلمه الإيمان بإقامة ظاهره وتطهيره مما كان يذهب إليه من ظاهر أهل الباطن، وقد فسر ذلك كثير من المفسرين من العامة على غير الطهر الظاهر المتعارف عندهم بالماء فقال بعضهم قوله:
«وثيابك فطهر» أى طهر نفسك من الذنوب فكنى عنها بثيابه وقال آخرون أراد أن لا تلبس ثيابك على كذب ولا فجور ولا إثم البسها وأنت طاهر من ذلك وقال آخرون «وثيابك فطهر» أى قصرها وقال آخرون العرب تقول ألبست فلانا ثوب خزية وعار، إذا ألبسته ذما ونقيصة فكلهم تأولوا ذلك على غير الطهارة الظاهرة عندهم وأتوا لها بباطن حاموا فيه حول المعنى ولم يصيبوه فأصل القول فى باطن الطهارة أنها الطهارة من أنجاس الأبدان فى الظاهر بالماء ومن أنجاس الأرواح فى الباطن بالعلم، ومن ذلك قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «نقلت من كرام الأصلاب إلى مطهرات الأرحام» يعنى أنها لم يصبها فجور وأن ولادته من آدم صلى الله عليه وسلم من جميع أمهاته كانت لنكاح ورشدة ولم يكن منها شيء سفاحا كما كان عليه أكثر الأمم فى القديم، ومن ذلك قول الله فى الأئمة من ولده:@QUR010 إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا [1] فكل هذا بيان وتأكيد لما قلناه من طهارة الأرواح فى الباطن بالعلم والحكمة ومثل هذا كثير يطول به القول.
وقد جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من الرغائب فى الطهارة أيضا ما يطول ذكره وذلك يقع على الباطن والظاهر كما ذكرنا.
فمن ذلك ما جاء فى الدعائم من قوله صلى الله عليه وسلم: «يحشر الله أمتى يوم القيامة غرا محجلين من آثار الوضوء». والغرة بياض يكون فى وجوه الدواب والتحجيل بياض يكون فى قوائمها، فلو حمل هذا القول على ظاهره بأن يحشر الله أمة محمد صلى الله عليه وسلم على هذه الصفة لكان ذلك من المثلة وليس كذلك يحشرون، وقد جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فى كتاب الدعائم البيان على أن أمة محمد صلى الله عليه وسلم فى الحقيقة الأئمة من ذريته صلى الله عليه وسلم، والعرب تقول
صفحہ 73