المجلس الخامس من الجزء الأول: [فى ذكر الطهارة]
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله كما هو أهل الحمد لما أولى من جزيل نعمائه وآلائه، وصلى الله على محمد نبيه وعلى الصفوة من أولياء ذريته.
وأما ما جاء فى كتاب الدعائم من ذكر الطهارة فالطهارة فى الظاهر الوضوء والغسل بالماء والتيمم بالصعيد لمن يجوز له، ذلك من أحداث الأبدان، والطهارة فى الباطن التطهر بالعلم وبما يوجبه العلم من أحداث النفوس قال الله:
@QUR05 «وأنزلنا من السماء ماء طهورا» [1].
وقال:@QUR017 «وينزل عليكم من السماء ماء ليطهركم به ويذهب عنكم رجز الشيطان وليربط على قلوبكم ويثبت به الأقدام» [2]. وقد تقدم القول بأن الماء مثله مثل العلم فكما يطهر الماء الظاهر من أحداث الأبدان الظاهرة كذلك يطهر العلم من أحداث النفوس الباطنة وأفاعيلها الردية الموبقة وكذلك يكون الطهور بما يوجبه العلم من الواجبات قال الله تعالى:@QUR06 «خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم [3] وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الحد طهور مما وجب فيه» وقال: «الحمى طهور من رب غفور» وذلك أن الله يكفر بها ذنب من غفر له إذا أصابه بها وقال تعالى:@QUR016 «وإذ بوأنا لإبراهيم مكان البيت أن لا تشرك بي شيئا وطهر بيتي للطائفين والقائمين والركع السجود» [4]، فلم يسكنه إلا الصفوة من ولد إسماعيل صلى الله عليه وسلم ولما تغيرت الأمور من بعده وسكن الحرم المشركون وبعث الله نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم كان فيما أنزله عليه قوله:@QUR010 إنما المشركون نجس فلا يقربوا المسجد الحرام بعد عامهم هذا [5]، فنفاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الحرم فكان طهور البيت إسكان أولياء الله فيه وإخراج أعدائه منه ولم يكن ذلك بالماء فى الظاهر هو كما يكون الطهور الظاهر، وقال الله تعالى لرسوله محمد صلى الله عليه وسلم:@QUR09 «يا أيها المدثر قم فأنذر وربك فكبر وثيابك فطهر» [6] فكان أول ما افترض عليه بعد إنذاره[7] أن يبدأ بتطهير ثيابه
صفحہ 72