دون الآخر بل يجب الإقبال عليهما معا لأنه لا يصح أحدهما إلا بالآخر.
وقوله وما أتى الله عبدا علما يعنى من العلم الحقيقى علم الباطن، فازداد للدنيا حبا أى ازداد حبه للظاهر وإعراضه عن الباطن إلا ازداد الله تعالى عليه غضبا، يعنى بإقباله على الظاهر وحده وحبه إياه دون الباطن، وقد فرض الله عليه اعتقادهما جميعا والإقبال عليهما معا، فإذا أقبل على أحدهما دون الآخر فقد خالف ما أمر الله عز وجل به.
وأما ما جاء فى كتاب الدعائم من قول النبي صلى الله عليه وسلم: «أصحابى كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم»، وما ذكر مع ذلك أن ليس المراد بأصحابه كما زعمت العامة كل من صحبه لأنهم قد اختلفوا من بعده واقتتلوا، فلو كانوا هم المراد بذلك لكان المقتدى بأحدهم مباحا له قتل من قاتله، لأنه قد اقتدى بأحدهم وبجماعة معه منهم، وكان أيضا للطائفة الأخرى مثل ذلك، فالمراد بأصحابه الذين أمر بالاقتداء بهم وبكل واحد منهم الأئمة من ذريته صلى الله عليه وسلم فهم أصحابه الذين صحبوه على أمره ونهيه واتبعوه على ما جاء به، وتلك هى الصحبة الحقيقة فأما الصحبة فى ظاهر الأمر بالأبدان فليست مما يوجب فضل المصحوب للمصاحب وقد يصحب المؤمن الكافر، والبر الفاجر، قال تعالى حكاية عن صاحبين مؤمن وكافر:@QUR048 «ودخل جنته وهو ظالم لنفسه قال ما أظن أن تبيد هذه أبدا وما أظن الساعة قائمة ولئن رددت إلى ربي لأجدن خيرا منها منقلبا قال له صاحبه وهو يحاوره أكفرت بالذي خلقك من تراب ثم من نطفة ثم سواك رجلا لكنا هو الله ربي ولا أشرك بربي أحدا» [1] والعالم بالحقيقة هو الله وحده لا شريك له إذ هو العالم بذاته وكل من يدعى عالما من دونه فعلى سبيل المجاز يدعى عالما، وهم فى ذلك درجات فمن علمه الله ما شاء من علمه، فهو عالم لما علمه بحقيقة التعليم ومعلم بتعليم الله إياه كما قال لرسوله صلى الله عليه وسلم:@QUR010 «وعلمك ما لم تكن تعلم وكان فضل الله عليك عظيما» [2]، ومن علمه الرسول صلى الله عليه وسلم مما علمه الله فتعلم ما علمه على سبيل الواجب فهو عالم بحقيقة التعليم كذلك قال:@QUR09 «كما أرسلنا فيكم رسولا منكم يتلوا عليكم آياتنا ويزكيكم
صفحہ 70