الله عز وجل بهذا الخطاب المؤمنين جميعا وكذلك قال تعالى:@QUR05 «والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض» [1] وقد ذكرنا أن الولاية دعامة من دعائم الإسلام وأمر الله فى كتابه بطاعة أولى الأمر وقرن طاعتهم بطاعته وطاعة رسوله وقال:@QUR07 «أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم» [2] وكذلك قرن ولايتهم بولاية رسوله بقوله:@QUR06 «إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا» [3] وذلك فرض فرضه الله عز وجل على المؤمنين، والولاية أصلها السمع والطاعة فلو كان القول فى ذلك ما قالته العامة من أن المراد بالولاية هاهنا وبالمؤمنين جميع من آمن بالله ورسوله لم يدر من المأمور منهم بالسمع والطاعة ومن يجب ذلك له من جميعهم ولكانت طاعة جميعهم واجبة على جميعهم وأهواؤهم مختلفة وقلوبهم وآراؤهم شتى ومنهم المطيع والعاصى والمؤالف والمخالف وقد علم الله ذلك منهم فلم يكن سبحانه ليوجب من ذلك ما لا يعرف حقيقته ولا يصح أمره ولا يثبت واجبه ولكن اسم الإيمان يقع على جميع من آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله من أنبيائه وأئمة دينه وجميع أوليائه وجميع من صدق بذلك، وأصل الإيمان التصديق قال الله تعالى:@QUR07 «وما أنت بمؤمن لنا ولو كنا صادقين» [4] أى ما أنت بمصدق لنا وإن صدقنا، ومعلوم فى لسان العرب الذي نزل به القرآن وخوطبوا منه بما يعرفون فى لغاتهم ولسانهم أن الخطاب قد يكون عاما عندهم ويراد به الخاص كما قال الله تعالى:@QUR09 «الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم» [5] فأراد أن بعض الناس قال ذلك وأنه إنما أراد أن بعض الناس هم الذين جمعوا لهم وذلك ما لا يجوز غيره لأن القائلين ذلك والمخاطبين به هم من الناس فلا يجوز أن يراد بقوله قال لهم الناس جميع الناس والذين قيل لهم ذلك هم بعض الناس وليسوا بقائلين ذلك ولأن الذين جمعوا لهم هم جميع الناس والذين جمعوا لهم من الناس فهذا مما ظاهره يقع على العموم وباطنه يراد به الخاص دون العام وهو كثير فى القرآن وفى كلام العرب وما يجرى منه بين الناس ويتداولونه بينهم كما يقول القائل منهم لقيت العلماء ورأيت الملوك وسمعت كلام الناس وركبت الخيل وشاهدت الأعمال وأشباه ذلك
صفحہ 62