ومكان يباين كلا مما تصف به صاحبيه!
ثم أنظر - هداك الله - أينا اجترأ على عظمة الله ومجده؟! وأينا حط من قدر المسيح؟!
أفمن يقول: إن الله الذي لا إله إلا هو، هو الإله الواحد القدوس، الأزلي الدائم، العليم الحكيم، الغني العزيز، القادر القاهر، الحي الذي لا يموت، العادل الرحيم، الجواد العظيم، الذي يجل عن التعدد والحدوث والتجسد والأين والمكان والتغير والضعف، وإن المسيح رسول مكرم وعبد مقرب لهذا الإله العظيم، قد بلغ رسالته، وأدى وظيفته، فلم يشن توحيده بشرك، ولا صدقه بكذب، ولا تعليمه بتناقض، زلا حججه وبتهافت، ولا عفافه بدنس، ولم يتصرف به الشيطان، ولم ينهه اليهود، بل كفاه الله شرهم وسوء ولايتهم، ورفعه إلى السماء حيا ممجدا؟
أم من يقول: إن الله واحد ثلاثة، أراد أن يخلع عذار الخاطئين، ويطلق سراحهم في غيهم، فيؤمنهم من زاجر الوعيد، وقصاص العدل، ولم يقدر على ذلك حتى تجسد منه أقنوم الابن على الأرض - أو هو ذاته - بأن تردد في ظلمات الرحم وفضلاته، ثم ترقى في النشوء من نقائص الطفولية وجهالاتها إلى أن اعتمد من (يوحنا) بمعمدية التوبة، وحل عليه الأقنوم الثاني فقاده الروح إلى البرية مع الوحوش؟!
وصار إبليس يتصرف به ويجئ به من مكان إلى مكان ويخادعه بالغواية ويطلب منه السجود له!
ثم بقي ثلاث سنين في ذلة الخوف ومهانة الاضطهاد، يصدر منه الكذب على إخوته مرة، والعقوق لأمه والقدح بطاعتها لله أخرى!
صفحہ 39