تثبيت الامامة
تثبيت الامامة
[معجزات الأنبياء]
ولا يكون مخوفا للعاصي بعقابه، ولا داعيا للمطيعين إلى ثوابه، إلا بدلائل أعلام بينة، تفرق بين المدعي منزلته وبينه، ولا يجوز أن تكون أعلامه مما يقدر على مثلها، فلا يؤمن على فعلها وممكن نيلها، مدعي منزلته ظلما وعدوانا، وفسقا وطغيانا. ولا تكون الدلالة عليها، وشاهد علم الإبانة فيها، إلا من الله لا يحدث غير الله خلقها، ولا يحسن سوى من هي عليه دلالة تخلقها، وكانت من الله كغيرها، من دلائله في ضوء منيرها، وإسفار نور مبينها، وإبانتها من الأئمة بعينها، وانقطاع عذر المعتلين على الله في رفضها، بعقد لو كان منهم لما نصب من علم دلائل فرضها.
وكذلك فعل الله بالرسل صلوات الله عليها وأوصيائها، وإبانتهم من غيرهم بنور دلائله وضيائها .
ثم فرق جل ثناؤه بين الرسل والأوصياء، ومن يحدث بعدهم من خلفاء الأنبياء، في علم الدلائل والحجج، بقدر ما لهم عند الله من الدرج، فجعل دلائل المرسلين، وشاهد أعلام النبيين، أكبر بيانا، وأقوى سلطانا، وأفلج في الحجة للمستكبرين، وأقطع لأعاليل عذر المعتذرين.
فكان من ذلك عجائب موسى صلى الله عليه، في فلق الله له ولمن كان معه البحر وممرهم فيه، إلى ما كان من قبل ذلك من عجيب آياته، وما أرى المصريين من فعلاته، في الضفادع والقمل والدم، وما يعظم قدر مبلغه على كل معظم .
وعجائب عيسى عليه السلام، التي كانت تضل في أصغرها الأحلام، من إحيائه الموتى، وإبرآئه للكمه والبرصى، وإنبآئه لهم بما يأكلون وما يدخرون، وإخباره لهم عن كثير مما يضمرون .
ثم آيات محمد صلى الله عليه، وما نزل من حكمة وحيه إليه، التي لم يقو لمكافاته فيها من أضداده ضد، ولم يكن لحكيم منصف عند سماعها من قبولها بد، مع عجيب آياته، في الشجر وإجابته، وما كان من شأن الشاة المسمومة، وإنبائه بسرائر نجوى الغيوب المكتومة، وإطعامه من قبضة كف، لأكثر من ألف وألف.
صفحہ 73