350

تشنيف المسامع بجمع الجوامع

تشنيف المسامع بجمع الجوامع لتاج الدين السبكي

ایڈیٹر

د سيد عبد العزيز - د عبد الله ربيع، المدرسان بكلية الدراسات الإسلامية والعربية بجامعة الأزهر

ناشر

مكتبة قرطبة للبحث العلمي وإحياء التراث

ایڈیشن نمبر

الأولى

اشاعت کا سال

١٤١٨ هـ - ١٩٩٨ م

پبلشر کا مقام

توزيع المكتبة المكية

اصناف

مَذْهَبِه ومَذْهَبِ إمامُ الحرمَيْنِ، أنَّ إمامَ الحرمَيْنِ يقولُ: إنَّ الشَّرْعَ غيرُ وَضْعِ اللغةِ على الهَيْئَةِ السَّابِقَةِ، والإمامُ الرَّازِيُّ يقولُ بعَدَمِ التَّغْييرِ، وإنْ لم يَخْرُجْ عن طَرِيقِهم، وكلامُه في الأدلَّةِ غيرُ مُصَرَّحٍ بذلك، لكنَّه قريبٌ في المعنَى منه، هذا تحريرُ النَّقْلِ عن الإمامَيْنِ، فاجْتَنِبْ ما وَقَعَ للنَّاقِلِينَ عنهما.
وقالَ الأَصْفَهَانِيُّ بعدَ حِكَايَتِه المَذَهبَيْنِ الأولَيْنِ: والثالثُ: اخْتِيارُ المُصَنِّفُ وإمامُ الحرمَيْنِ، أنَّه مَنْقُولٌ شَرْعًا لكنْ إلى مَعَانٍ هي مجازاتٌ لُغَوِيَّةٌ، يعنِي مِن بابِ التَّعْبِيرِ بالجُزْءِ عن الكُلِّ في الصلاةِ؛ لأنَّ الصلاةَ جُزْؤُهَا الدُّعَاءُ، قالَ: وهو يُخَالِفُ القَولَيْنِ الأولَيْنِ.
أمَّا مذهبُ القَاضِي؛ فلأنَّه يَقُولُ: ما نَقَلَتْ أَصْلًا.
وأمَّا مذهبُ المُعْتَزِلَةِ؛ فلأنَّهم لم يَشْتَرِطُوا في النَّقْلِ كونُ المَنْقُولِ إليه مَجَازًا لُغَوِيًّا، والحاصلُ أنَّ الألفاظَ المُتَدَاولِةُ شَرْعًا، وقد اسْتُعْمِلَتْ في غيرِ مَعَانِيها اللُّغَوِيَّةِ، هل هي بَاقِيَةٌ على أَوْضَاعِها اللُّغَوِيَّةِ، ولم تَنْقُلْ - وهو قولُ القاضِي - أو نَقَلَها إلى غيرِ مَعانِيها؟ والقائِلُونَ به اخْتَلَفُوا: فمِنْهم مَن قالَ: إلى مَجَازَتِها اللُّغَوِيَّةِ كما اختارَ الإمَامَانِ، ومنْهُم مَن قالَ: إلى غيرِ معانِيها على الإطلاقِ، وهو قولُ المُعْتَزِلَةِ، فتَحَصَّلَ أنَّ المُثْبِتِينَ للحقيقةِ الشَّرْعِيَّةِ، هُم المُعْتَزِلَةُ؛ لأنَّهم لم يَشْتَرِطُوا في النَّقْلِ المُنَاسَبَةَ.
وأمَّا الإمامانِ ومَن وَافَقَهُمَا، فاشْتَرَطُوا المُنَاسَبَةَ لمَعَانِيهَا اللُّغَوِيَّةُ، فتَكُونُ عندَهُم في انتفاءِ النَّقْلِ مجازاتٌ لُغَوِيَّةٌ بسبَبِ عَدَمِ اشْتِهَارِها، ثمَّ غَلَبَتْ في المعانِي الشرعيَّةِ لكَثْرَةِ اسْتِعْمَالِها في الشَّرْعِ، فصَارَتْ حقيقةٌ عُرْفِيَّةٌ لهم.
وفائدةُ هذا أنَّا إذا وَجْدَنَاهَا في كلامِ الشارعِ مُجَرَّدَةً عن القَرِينَةِ مُحْتَمِلَةٍ للمعنَى اللُّغَوِيِّ والشَرْعِيِّ، فعلامُ تُحْمَلُ.
وأمَّا في استعمالِ حَمْلَةِ الشَّرْعِ فتُحْمَلُ على الشرعِيِّ بلا خلافٍ؛ لأنَّ الحقيقةَ اللغويَّةَ مهجورةٌ عندَهم، فلا يَتَبَادَرُ الذِّهْنُ عندَ اسْتِعْمَالِهم قَصْدَها الْبَتَّةَ، ويَنْبَغِي تَنْزِيلُ إطلاقِ المُصَنِّفِ على ما ذَكَرْنَا، وبهذا التَّحْرِيرِ يَظْهَرُ لكَ فَسَادُ ما وَقَعَ في الشَّرْحِ في هذه المسألَةِ.

1 / 445