مندرةٌ في كل ألحانها ... لا كالتي تندرُ في الندرهْ
وله يهجو قينةً في مقلوب هذا المعنى
عجبتُ منها ويحها كيف لا ... تحظى بالإحسانِ في الندره
وهو مأخوذ من قول ابن مناذر يهجو قاضيًا
يا عجبًا من خالدٍ كيف ... يخطئ فينا مرةً بالصوابْ
وقال أبو عثمان في قينة المتقارب
لقد برعت عاتبٌ في الغناءِ ... وزادتْ وأربتْ على البارعِ
يسبحُ سامعها إنْ شدتْ ... فأصواتها سبحةُ السامعِ
ومما يدخل في هذا الباب وإن لم يكن فيه تشبيه ما كتب به يحيى بن علي إلى ابن المعتز
سيدي إن عندنا زريابا ... ملأتنا روايةً وصوابا
أخلقتْ سيئها وإحسانها في الس ... معِ يردادُ جدةً وشبابا
وقال ابن الجهم في نباتةَ جارية ابن حماد
أقفر إلا من نباتٍ منزله ... ودرستْ آياتهُ وطللهْ
قد بانَ منها كلُّ شيءٍ تفعلهْ ... إلا الغناءُ نصبهُ ورملهْ
فهيَ كما أرسلَ حقًا مثلهْ ... ما لكِ من شيخكِ إلا عملهْ
باب ٢٣ في
هجاء القيان
ومن حسن التشبيه في هجاء القيان قول ابن عثمان في زامرة
نايُ قتولٍ قاتلٌ ... بالنتنِ منه المرهجِ
يشبهُ عندي بربخًا ... مركبًا في مخرجِ
وقال ابن المعتز في زامرةٍ
وذات نايٍ مشرقٍ وجهها ... معشوقةِ الألحاظِ والغنجِ
كأنما تلثمُ طفلًا لها ... زنتْ به من ولد الزنجِ
وقال يهجو زامرة المنسرح
قابلكمْ دهركمْ بزامرةٍ ... تقدحُ في وجهِ كل سراءِ
فز بطرفٍ أشداقها إذْ نفختْ ... ذلك أولَى بها من الناءِ
وقال ابن الرومي يهجو قينةً
خضراءُ كالعقربِ في صفرةٍ ... نمشاءُ كالحيةِ في رقطهْ
في الصوتِ منها أبدًا بحةٌ ... توهمني أنَّ بها خبطهْ
قميئةُ الخلقِ ولكنها ... أعتقُ في الدنيا من الحنطهْ
إذا رأتْ فيشلةً ضخمةً ... خرتْ لها قائلةً حطهْ
وقال الناجم يهجو قينةً
وقينةٍ شتمتها قنوتُ ... أحسنُ أصواتها السكوتُ
تخطئُ إنْ أوقعتْ خيوتًا ... فالسفعُ في رأسها خيوتُ
مسلولةُ الكلِ غيرَ بطنٍ ... مثقلٍ فهيَ عنكبوتُ
وتبلغُ الزادَ والفياشي ... فهيَ من المعنيينِ حوتُ
ونحوهُ قول ابن الرومي في قينةٍ
فقدتكِ يا كنيزةُ كلَّ فقدٍ ... وذقتُ الموتَ أولَ من يموتُ
فقد أوتيتِ رحبَ فمٍ وفرجٍ ... كأنكِ من كليْ طرفيكِ حوتُ
وقال البصير المتقارب
غناءك عندي يميتُ الطربْ ... وضربكِ بالعودِ يحيي الكربْ
ولم أرَ قبلكِ من قينةٍ ... تغني فأحسبها تنحبْ
ولولا أن غرضنا نوادر التشبيهات لذكرنا جملةً من الهجاء للمغنيات: ونحن نذكره في الكتاب الآخر: ومن التشبيهات النوادر في أبيات متصلة قول ابن الرومي
ريحها وهيَ حيةٌ ريحُ ميتٍ ... باتَ في القبرِ ثمَّ أبداهُ نبشُ
وتراها تستكتمُ الطيبَ والمرْ ... تكَ أسراَ نتنها وهي تفشُ
وجهها الأعبرُ المجدرُ يحكي ... جص أمسٍ أصابَ أعلاهُ طشُّ
جدريٌّ ما شأنها وهو شينٌ ... كلُّ أثرٍ في ذلك الوجهِ نقشُ
كل شيءٍ محا حلاها فزينٌ ... كلُّ شيءٍ وارى الترابَ ففرشُ
بدلتْ من ضفائرٍ وقرونٍ ... شعرَ أنف فيه لفرخينِ عش
تتناغى وعودها بنهيقٍ ... كنهيقِ الحمارِ ناغاهُ جحشُ
قلتُ مستهزئًا بها إذْ تبدتْ ... أنتِ بلقيسُ لو أعانكِ عرشُ
لا يعدُّ الرشا لها نائكوها ... هي أولى بأنْ تناك وترشُ
وهذا من جيد التشبيه في الجدري وقال آخر وهو البوراني في خلاف ذلك
كأن آثارَ تجديرٍ بوجنتهِ ... عشر مقدرةٌ في صحف وراقِ
وقال أبو بكر بن السراج النحوي في أبي الفتح بن مسروق البلخي وقد جدر
لي قمرٌ جدرَ لما استوى ... فزادهُ حسنًا وزادَ همومي
كأنما غنى لشمسِ الضحى ... فنقطتهُ طربًا بالنجومِ
وقال ابن الرومي يهجو أبا سليمان الطنبوري المنسرح
ومسمعٍ لا عدمتُ فرقتهُ ... فإنها نعمةٌ من النعمِ
يطولُ يومي إذا قرنتُ به ... كأنني صائمٌ ولم أصمِ
1 / 27