عہد اضطراب: عرب قوم کی تاریخ (پانچواں حصہ)
عصر الازدهار: تاريخ الأمة العربية (الجزء الخامس)
اصناف
مات الرشيد بعيدا عن عاصمته في طوس، وقد مر بنا تفصيل ذلك، فكتب حمويه مولى الرشيدي وصاحب البريد بطوس إلى صاحب البريد ببغداد يعلمه بوفاة أمير المؤمنين، فدخل هذا على محمد الأمين وعزاه وهناه بالخلافة في قصره بالخلد، وتحول الأمين من قصره إلى قصر أبي جعفر بالمدينة، ودعا الناس إلى المسجد الجامع في ذلك اليوم وكان يوم جمعة، فحضروا وصلى بهم، فلما قضيت الصلاة صعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه، ونعى الرشيد للناس وعزى نفسه والناس، ووعدهم خيرا وبسط الآمال وأمن الأسود والأبيض، فبايعه جلة أهل بيته وخاصته ومواليه وقواده، ثم نزل ودخل قصره ووكل عم أبيه الأمير سلمان بن أبي جعفر المنصور بأخذ بيعة العامة فبايعوه، ثم أمر السندي بن شاهك بأخذ مبايعة الأجناد وأمراء الجند ممن هم بمدينة السلام، وأمر لهم برزق أربعة عشر يوما منحة، وبعث إلى أخيه المأمون في خراسان كتابا يقول له فيه: إذا ورد عليك كتاب أخيك، أعاذه الله من فقدك، فقم في أمرك قيام ذي الحزم والعزم، وخذ البيعة على من قبلك من قوادك وجندك وخاصتك وعامتك لأخيك، ثم لنفسك، ثم للقاسم ابن أمير المؤمنين، على الشريطة التي جعلها أمير المؤمنين ... واكتب إلى عمال ثغورك وأمراء جندك بما طرقك من المصيبة بأمير المؤمنين، وأعلمهم أن الله لم يرض الدنيا له ثوابا حتى قبضه إلى روحه وراحته وجنته مغبوطا محمودا ... وأمرهم أن يأخذوا البيعة على أجنادهم في شوال سنة 193ه،
3
وكتب مثل ذلك إلى أخيه القاسم.
أما المأمون فقد بلغه نعي أبيه قرب مرو، يريد سمرقند، فرجع إلى مرو ودخل دار الإمارة، ثم نعى أباه وبايع لأخيه ثم لنفسه، وأعطى الجند رزق اثني عشر شهرا، وبقي هناك يترقب الأخبار مستقلا بإمارته، وقائما بما يجب عليه للخليفة أخيه خير قيام إلى أن جرت الفتنة بين الأخوين. (3) الفتنة بين الأخوين
في فجر سنة 194ه خلا الفضل بن الربيع بن يونس وزير الرشيد بالأمين وحثه على خلع أخويه المأمون والقاسم من ولاية العهد، وصرفها إلى ابنه موسى وتسميته الناطق بالحق، وكان مما قاله له: ما تنتظر يا أمير المؤمنين بعبد الله والقاسم أخويك، فإن البيعة كانت لك متقدمة قبلهما، وإنما أدخلا بعدك واحدا بعد واحد، فأعجبت الأمين هذه الفكرة وكتب إلى عماله في الأمصار بالدعاء لموسى بالآخرة بعد الدعاء له وللمأمون والقاسم، ثم رأى أن يبدأ خطته فعزل أخاه القاسم عن إمارته في ديار الجزيرة، ولما بلغت هذه الأخبار مسامع المأمون علم ما بيته أخوه فقطع البريد عنه وأسقط اسمه من الخطبة، وسمى نفسه «إماما» ولم يتسم بالخلافة، ثم أخذ وزيره الفضل بن سهل يشجعه على إعلان الثورة على أخيه وينشر له الدعوة بين الخراسانيين، فحط عنهم ربع الخراج وطابت نفوسهم بذلك وأخذوا يؤيدونه ويحملون على أخيه، ويقولون ابن اختنا وابن عم رسول الله (كتاب الوزراء للجهشياري، ص278)، وصار المأمون يراوغ أخاه ويداريه؛ فبعث إليه بالهدايا الجليلة ورسائل التعظم يوهمه بوجوب المصالحة وإعادة القاسم إلى إمارته، ولكن الأمين استمر في خطته ورد ما بعثه أخوه إليه من الهدايا، وكتب إليه يطالبه أن يتنازل عن بعض أجزاء مملكته؛ فحذره القاسم بن صبح أحد مستشاريه من ذلك، ثم إن الأمين كتب للمأمون يطلب إليه الحضور إلى بغداد مع وفد سماه؛ فاستشار المأمون وزيره الفضل في السفر فمنعه من ذلك (الطبري، 10: 147).
وبعث الأمين إلى المأمون رسالة جاء فيها: «إن الإمام الرشيد ولاني هذه الأرض على حين كلب من عدوها، ووهي من سدها وضعف من جنودها، ومتى أخللت بها أو زلت عنها لم آمن انتقاض الأمور فيها وغلبة أعدائها عليها بما يصل ضرره إلى أمير المؤمنين ...»
4
ولما تأكد الأمين أن المأمون مصر على بقائه في خراسان، أعاد عليه الكرة وكتب إليه ثانية يطالبه بالتنازل عن بعض كور في خراسان - سماها له - قاصدا بذلك إضعاف المأمون وتهوين أمره، فشاور المأمون رجاله فأشاروا عليه جميعا بإجابة طلب الخليفة إلا الفضل وزيره، ووافقه المأمون على رأيه وكتب إلى الخليفة كتابا يقول فيه: «قد بلغني كتاب أمير المؤمنين يسأل التجافي عن مواضع سماها مما أثبته الرشيد في العقد، وجعل أمره إلي ... وإني لأعلم أن أمير المؤمنين لو علم من الحال ما علمت لم يطلع بما كتب بمسألته إلي، ثم أنا على ثقة من القبول بعد البيان» (الطبري، 10: 133).
ولما أرسل رسالته إلى الأمين أخذ يشتد في حراسة الحدود، ثم إن الأمين جدد الكتابة إليه والمطالبة بالتنازل عن بعض أجزاء مملكته، وبعث الرسالة مع وفد أوصاه بالتشنيع على المأمون، فلما قرأ المأمون الرسالة اغتاظ وكتب إلى أخيه يقول: «... فلا تبعثني يا بن أبي على مخالفتك، وأنا مذعن بطاعتك ولا على قطيعتك، وارض بما حكم الحق في أمرك أكن بالمكان الذي أنزلني به الحق» (الطبري، 10: 134).
فلما قرأ الأمين هذه الرسالة غضب جدا، وكتب إلى المأمون يقول: «أما بعد؛ فقد بلغني كتابك، محافظا لنعمة الله عليك، فيما يكن لك من ظلها، متعرضا لحراق نار لا قبل لك بها، ولحظك عن الطاعة كان أودع، وإن كان قد تقدم مني متقدم فليس بخارج من مواضع نفعك إذا كان راجعا على العامة من رعيتك ...» (تاريخ الطبري، 10: 134)، ولكن المأمون لم يغير رأيه وبعث إلى أخيه برسالة شديدة اللهجة قال له فيها: «فأولى به أن يدبر الحق في أمره ثم يأخذ به ويعطي في نفسه، وأما ما وعد به من بر طاعته، وأوعد من الوطأة بمخالفته، فهل أحد فارقه الحق في فعله فأبقى للمتبين موضع ثقة بقوله؟» (تاريخ الطبري، 10: 134)، فأجاب الأمين على هذه الرسالة بوفد يفاوض أخاه في الصلح وفي تقديم موسى عليه في ولاية العهد؛ ولكن الوفد رجع خائبا ورد شر رد، وصاح الفضل بن سهل في رئيس الوفد العباس بن موسى بن عيسى: «اسكت فهذا بين أخواله وشيعته.» فلما بلغت هذه الأخبار مسامع الأمين خلع أخاه من ولاية العهد وأعلن أمر عصيانه ووجوب محاربته، وعقد البيعة لابنه موسى، وجعل علي بن عيسى بن ماهان صاحب أمره، ثم جمع وجوه القوم من أهل بيته ومواليه وقواد ورؤساء الأجناد الخراسانية في المقصورة بالشماسية، وكان ذلك أحد أيام الجمع من شعبان سنة 195ه، فصلى الجمعة ثم دخل المقصورة وبقي ابنه موسى في المحراب ومعه الفضل بن الربيع، فقام فقرأ عليهم كتابا من الأمين يعلمهم فيه ما أحدثه عبد الله (المأمون) من قطعه البريد عن أمير المؤمنين والدعاء لنفسه وتسميه بالإمامة، وأن ذلك ليس من الشروط التي شرطها أبوه الرشيد عليه في العقد، ثم ذكر الفضل أنه لا حق لأحد في الخلافة والإمامة إلا لأمير المؤمنين الأمين فهو يوليها بعده من يشاء، ثم قال: إن الأمير موسى ابن أمير المؤمنين قد أمر لكم معاشر أهل خراسان من صلب ماله بثلاثة آلاف ألف درهم، ووزع الأموال بينهم، ولما انتهى الاجتماع أخذ الفضل يهيئ جيشا بقيادة علي بن عيسى بن ماهان لحرب المأمون، ولما تم كل شيء سار علي بن عيسى في جمادى الآخرة من سنة 195ه للقاء المأمون فودعه الأمين إلى النهروان، وكان جيشه زهاء أربعين ألف، على رواية الطبري (التاريخ، 10: 139)، ولما وصل الري لقيه الجيش الذي بعث به المأمون للقائه بقيادة طاهر بن الحسين، وكانت الغلبة لطاهر وقتل علي بن عيسى فيمن قتل.
نامعلوم صفحہ