عہد اضطراب: عرب قوم کی تاریخ (پانچواں حصہ)
عصر الازدهار: تاريخ الأمة العربية (الجزء الخامس)
اصناف
الكتاب الأول: تاريخ دولة بني العباس
1 - كلمة في منشأ هذه الدولة وأحوالها وأنظمتها
2 - الدعوة العباسية
3 - خلافة أبي العباس السفاح العباسي
الكتاب الثاني: الخلفاء العباسيون
1 - أبو العباس السفاح
2 - أبو جعفر المنصور
3 - المهدي بن المنصور
4 - الهادي بن المهدي
5 - الرشيد بن المهدي
نامعلوم صفحہ
6 - الأمين بن الرشيد
7 - المأمون بن الرشيد
8 - المعتصم بن الرشيد
الكتاب الأول: تاريخ دولة بني العباس
1 - كلمة في منشأ هذه الدولة وأحوالها وأنظمتها
2 - الدعوة العباسية
3 - خلافة أبي العباس السفاح العباسي
الكتاب الثاني: الخلفاء العباسيون
1 - أبو العباس السفاح
2 - أبو جعفر المنصور
نامعلوم صفحہ
3 - المهدي بن المنصور
4 - الهادي بن المهدي
5 - الرشيد بن المهدي
6 - الأمين بن الرشيد
7 - المأمون بن الرشيد
8 - المعتصم بن الرشيد
عصر الازدهار
عصر الازدهار
تاريخ الأمة العربية (الجزء الخامس)
تأليف
نامعلوم صفحہ
محمد أسعد طلس
الكتاب الأول
تاريخ دولة بني العباس
الفصل الأول
كلمة في منشأ هذه الدولة
وأحوالها وأنظمتها
يقول بعض المؤرخين المحدثين: إن دولة بني أمية هي الدولة العربية الخالصة، أما دولة بني العباس فدولة عربية شكلا أعجمية حقيقة، ولو أتيح للعنصر العربي في العصر العباسي بما أتيح له في العصر الأموي لأتى بالعجب العجاب، ولكن الطغيان الأعجمي الذي طغى على العنصر العربي قد بدل الوضع وأفسد القضية العربية ... يقول الجاحظ في «البيان والتبيين»: «إن دولة بني العباس أعجمية خراسانية، ودولة بني مروان أموية عربية ...» ويقول المسعودي في «مروج الذهب» في معرض حديثه عن قيام الدولة العباسية وزوال الدولة الأموية: «سقطت قيادات العرب وزالت رياستها ...»
وهذه الأقوال السابقة تدل على أنه بانتقال الملك من بني أمية إلى بني العباس ضعف شأن العرب وخضدت شوكتهم، وهو قول صحيح بعض الشيء، فقد كان السلطان العربي في العصر الأموي سلطانا قويا بارز القسمات في كل شيء؛ فالولاية للعربي، والقضاء للعربي، والأرض للعربي، والناس كلهم من أسود وأصفر وأسود دونه، بل خول له، وسواد العراق هو بستان لقريش، تنال ثماره وتستغل عقاره؛ هذا قول صحيح، ولكنه - في رأينا - قول مبالغ فيه؛ فقد كان العربي كل شيء في العصر الأموي، ولكنه ظل في العصر العباسي ذا نفوذ وسلطان، وإن كان لا يضاهي نفوذه وسلطانه في العصر الأموي، فما استطاع العنصر الأعجمي في الدولة العباسية الجديدة أن يقضي على النفوذ العربي تماما، وإن استطاع أن يهون من أمره بعض التهوين. يقول الدكتور عبد العزيز الدوري في معرض حديثه عن نشأة الدولة العباسية بعد عرضه للنظرية السابقة: «ولعل هذه الأقوال صحيحة في أساسها، لكنها متطرفة على ما أرى، فمن المبالغة أن نقول بأن سلطان العرب ينتهي بسقوط الأمويين، فالخلفاء العباسيون كانوا عربا هاشميين (من جهة الأب على الأقل)، وكانوا يعتزون بنسبهم ويعتبرونه أكبر مناقبهم، ومع أنهم قربوا الفرس إلا أنهم سيطروا عليهم فنكلوا بهم حين شعروا بتعاظم نفوسهم، كما فعل أبو العباس بالخلال، والمنصور بأبي مسلم، والرشيد بالبرامكة، والمأمون بالفضل بن سهل، وقد أعطيت بعض المناصب الهامة كالوزارة إلى الفرس، ولكن عددا كبيرا من الولاة والقواد كانوا عربا في العصر العباسي الأول، فإن كثيرا من أصحاب المناصب في الدولة الجديدة كانوا عربا.» وإن ما يذكره الدوري صحيح، إلا أن أصحاب تلك النظرية قالوا: إن السلطان العربي قد اضمحل، وإن الدولة قد اصطبغت بصبغة أعجمية بعد أن كانت عربية خالصة، وقد اختص آل العباس الأعاجم بصورة عامة، والخراسانيين بصورة خاصة، ولا غرو فإنهم كانوا عماد دولتهم وموئل حركتهم، أما العرب فقد فقدوا كثيرا من امتيازاتهم التي كانت لهم في العصر الأموي، سواء أكان ذلك في الوظائف الكبرى، أو في الإقطاعات التي يأخذونها، أو في النفوذ بصورة عامة.
يقول المسعودي في المروج: «إن المنصور هو أول خليفة استعمل مواليه وغلمانه وصرفهم في مهماته، وقدمهم على العرب، فامتثلت الخلفاء ذلك من بعده.» وقد كان من نتائج هذا التقلص لنفوذ العرب وبروز السلطان الأعجمي أن دخلت النظم الأعجمية من فارسية وغير فارسية في الدولة الجديدة، ومن أبرز هذه النظم تلك النزعة الكسروية الساسانية الاستبدادية، وما إليها من المراسيم والتقاليد التي كانت قد بدأت في الظهور أيام بني أمية، فإذا هي في ظل الدولة الجديدة تترعرع بقوة وعزة، وقد بعدت الشقة بين الدولة وبين القبيلة والبادية العربية بعدا شاسعا، أما في العصر الأموي فعلى الرغم من محاولة خلفائه اقتباس النظم والتقاليد الأعجمية، فإن صلة الخلفاء والأمراء بالقبيلة العربية وتقاليدها وآدابها الموروثة كانت ذات أثر ملموس واضح.
ومما يلاحظ أيضا في هذه الدولة الجديدة أنها ألبست دعوتها لباسا دينيا، فادعى أصحاب الدعوة الأولين أنهم إنما قاموا بدعوتهم اتباعا لكتاب الله، وإحقاقا لحق آل بيت رسول الله، وتحكيما لسنة رسول الله التي اضطهدت في العصر الأموي، وإرجاعا لنظم الخلافة كما أرادها الرسول الكريم بدل الملك العضوض الذي أحدثه أملاك أمية، يقول ابن الطقطقي في «الفخري»: «إن هذه الدولة ساست العالم سياسة ممزوجة بالدين والملك، فكان أخيار الناس وصلحاؤهم يطيعونها تدينا، والباقون رهبة أو رغبة.» والحق أن العباسيين إنما سلكوا هذه السبيل لأنهم استعانوا بأبناء عمومتهم العلويين أصحاب الحق الأقرب في الخلافة، واعتمدوا عليهم في تكوين دعوتهم إلى أن تم لهم الأمر، فتنكروا لهم وفتكوا بهم. ومما يلاحظ في هذه الدولة الجديدة أيضا أن نظام الخلافة وولاية العهد ووراثة الحكم أصبحت أمورا وراثية تقليدية، وقد كان الأمر في العصر الأموي قريبا من ذلك، إلا أنه كان يكون للشورى والسن والعرف القبلي بعض الرعاية أو بمقدار أكثر مما صار إليه في أيام بني العباس؛ فقد أصبح نظام ووراثة العهد ميراثيا بكل معنى الكلمة، فلا الشورى لها موضع، ولا العرف والتقاليد العربية في اختيار ولي عهد الخليفة لها رعاية، فكم ولي الخلافة طفل! وكم أسندت أمور المسلمين إلى حدث لم يؤت من شرائط الخلافة ما يؤهله للقيام بأعبائها! وما كان هذا الأمر ليستساغ في العصر الأموي؛ لأن الروح العربية كانت ما تزال قوية، والتقاليد ورعاية السن والمقام كان لها أثرها في اختيار الخليفة وولي العهد. ويجب أن لا يغرب عن البال أن الأمويين كانوا على الرغم من نزعتهم الاستبدادية لا يستطيعون تخطي التقاليد العربية، فقد حافظوا على حرمة القبيلة ومكانة رئيسها، وراعوا فكرة احترام الأنساب حق الرعاية، كما راعوا حرمة المكانة الاجتماعية، أما خلفاء بني العباس فقد أخذت التقاليد والمراسيم الفارسية والأعجمية تحتل مكانتها عندهم، وفي هذا دليل على ما ذهبنا إليه من مشايعة أصحاب الرأي القائل بأن هذه الدولة الجديدة دولة ذات طابع فارسي واضح؛ فقد اعتمد الخلفاء على الفرس والموالي وقربوهم منهم، واستطاع هؤلاء الموالي - متسترين وراء الفكرة القائلة بأن الدين الإسلامي قد ساوى بين معتنقيه كافة، وأنه لا فضل لعربي على عجمي إلا بالتقوى - أن ينفذوا إلى قلوب الخلفاء، وأن يسيطروا على مرافق الدولة ومؤسساتها.
نامعلوم صفحہ
وقد اهتم خلف بني العباس منذ فجر تأسيس سلطانهم بترتيب الدولة وتأسيسها وتنظيماتها ترتيبا جديدا يعتمد على الإصلاح والقوة، ويكاد يكون النظام الإداري للدولة الجديدة هو النظام الإداري السابق الذي وجد في أخريات أيام بني أمية، إلا ما أحدثه العهد الجديد من نظم وتراتيب استقاها من التراتيب الإدارية الأعجمية، أو الأنظمة الدولية الكسروية، ومن أبرز تلك التراتيب الأمور الآتية: (1)
أنهم عززوا وظيفة «الكاتب» أو «الوزير» وثبتوا مركزه ولقبه، وخولوه سلطانا واسعا، وجعلوه المشرف الأعلى على دواوين الدولة كافة والتي تعددت، وهذا لم يكن معروفا في العصر الأموي، فإن الكاتب أو الوزير وقتئذ ما كان إلا مدونا لما يمليه الخليفة عليه، ويبعث به إلى الأقاليم، وينفذ أوامره ويتقيد بإرشاداته.
أما نظام الوزارة في العهد الجديد فنظام ذو سلطان واسع وإشراف تام على مرافق الدولة ومؤسساتها كافة. (2)
أنهم أصلحوا شئون الدواوين، وأمروا بترتيب سجلاتها ترتيبا يحفظ أوراقها من التلف والضياع؛ حتى يمكن الرجوع إليه، كما أنهم حددوا وظائف كل من: أصحاب دواوين «الخراج» و«الخاتم» و«النفقات» و«الصدقات» و«البريد» و«الجند» و«الإقطاع» و«المصادرة» و«الشكاوى» و«الضرائب»، بعد أن كانت مختلفة في العهد الأموي. (3)
أنهم أشركوا غير العرب في الجيش بعد أن كان أمره محصورا بالعرب أيام بني أمية.
وقد بالغ العباسيون في الاعتماد على غير العرب، وبخاصة الخراسانيون، حتى غدا العربي في الجيش غريبا أو كالغريب، وخصوصا بعد عصر المتوكل على الله ومن بعده من الخلفاء، وقد اهتم الخلفاء العباسيون بالجيش وترتيبه وتنظيمه ترتيبا كسرويا، كما جعلوا فيه فرقا من الجند المرتزقة وسموا لهم الرواتب الكبيرة اعتمادا عليهم وثقة بهم. (4)
أنهم رتبوا الأمور المالية ترتيبا جديدا يلائم الحركة الجديدة والدولة الناشئة، فبعد أن كان النظام المالي في العصر الأموي نظاما أقرب إلى البساطة يعتمد في جميع موارده على الزكاة والصدقات والجزية والخراج والفيء، وهذه أمور جاء بها الشرع وعمل بها الخلفاء الراشدون، فلما جاء الأمويون استحدثوا بعض الضرائب والمكوس غير الشرعية، كهدايا النيروز والمهرجان، وأموال المصادرة، وجزية الموالي بعد إسلامهم، وجزية من أعفاهم الإسلام، إلى غير ذلك مما لم يقره الشرع.
فلما تولى بنو العباس واعتنوا بنظام ري الأراضي وفرض الضرائب عليها وعلى التجارة عن الموالي، وساووا بينهم وبين العرب، زادوا الخراج وأخذوا الجزية من بعض من منع الإسلام أخذها منهم كالرهبان ومن لم يبلغوا سن الحلم، كما أنهم أحدثوا ضرائب جديدة غير شريعة؛ كضرائب أخماس المعادن، وضرائب الركاز، وضرائب المصائد والسفائن وما يخرجه البحر، والضرائب التي تفرض على التجار وبعض السوقة وأهل الحوانيت، وضرائب المواريث والتركات، وضرائب المراعي والقوافل، وأكثر هذه الموارد قد استحدثه الأمراء العباسيون تمشيا مع تحضير الدولة، وسدا لأبواب النفقات التي اقتضتها الدولة الجديدة. (5)
أنهم اهتموا اهتماما عظيما بالناحية الثقافية والفنية تمشيا مع تقدم الأمة في مضمار الحضارة وتطلبا للمعرفة والإدراك، وقد لعب أبناء الدول المفتوحة من روم وسريان وأقباط وفرس وأنباط دورا خطيرا في إيجاد ثقافة إسلامية رفيعة، أنتجت أطيب الثمار في العصر العباسي الأول، ثم العصر العباسي الثاني، وليس هنا مجال تفصيل هذا البحث. (6)
أنهم من الناحية الاجتماعية خلقوا بيئة رفيعة غنية في أفكارها وحياتها وتقاليدها وآدابها وأخلاقها، فبعد أن كانت البيئة في العصر الأموي عربية أقرب إلى البداوة والسذاجة، أصبحت في هذا العهد بيئة معقدة مطعمة بخلاصة الحضارات القديمة العريقة من فارسية ورومية ومصرية وهندية، وقد اضمحلت الروح القبلية التي كانت في العصر الأموي وحلت محلها روح جديدة، هي روح التعصب القومي أو البلدي، بعد أن كان العرب في العصر الأموي منقسمين إلى قيس ويمن، أو قحطانية وعدنانية، أصبحنا نجدهم في هذا العصر صفا واحدا يحارب فكرة خطرة جاء بها الموالي لهدم كيانهم، ألا وهي فكرة الشعوبية، كما أصبحنا نرى كثيرا من الفكر الاجتماعية الغريبة عن البيئة العربية واضحة المعالم تمد برءوسها وترفع عقيرتها؛ مثل: فكرة الزندقة، والإلحاد، والمانوية، والمزدكية، والخرمية. (7)
نامعلوم صفحہ
أنهم لما رفعوا من شأن الأعاجم والموالي غير العرب كان منطقيا أن يتطاول هؤلاء الأعاجم والموالي على العرب، تنفيسا للكرب الذي قاسوه أيام بني أمية، وقد نتج من ذلك معارك وفتن سيفية وقلمية ظهر أثرها في كل شيء حتى في التأليف والتدريس والقضاء والشعر والأدب بصورة عامة، استطاع الموالي بما أوتوه من سلطان وملكات أن يطمسوا كثيرا من معالم الفضل العربي ونتائج القرائح العربية، أو يشوهوا مباهجها الرائعة. (8)
أنهم اتخذوا المشرق، وبخاصة العراق كانت مركزا لحركتهم، وفي هذين الإقليمين مراكز ذات ثقافات قديمة، ولها أفكار خاصة ذات طابع معروف، ففي العراق والكوفة - التي كانت مقر الدعوة العباسية - اجتمع كثير من الثقافات القديمة والديانات العريقة، وكان من جراء هذا كله أن نبغت جماعات ذوو آراء وأفكار غريبة عن النفس العربية؛ كفكرة التناسخ، وفكرة الحلول، وفكرة الحق الإلهي، وغير ذلك من الأفكار الغريبة عن العقلية العربية. وفي المشرق، وخراسان بالخاصة، كانت مجتمعات لشتى الثقافات والأفكار والديانات والآراء، وكان فيها كثير ممن أسلم رغبة في منفعة أو رهبة من بطش وقلبه مملوء كرها للعرب والإسلام، فاضطر أن يسلم ونفسه مشبعة بديانته القديمة والفلسفات العتيقة التي توارثها واعتنقها، فما كان من السهل أن يتخلى عنها للدين الجديد الذي جاء العرب به. (9)
أنهم باعتمادهم على الموالي قووا النزعات القومية، فأخذ العرب مع ما هم عليه من حزازات قديمة يتحزبون على الأعاجم، ويرجعون إلى عنعناتهم الجاهلية التي حاربها الإسلام وكاد أن يقضي عليها، وأخذ الفرس والموالي على العموم يتكتلون ضد العرب، وأخذت بوادر النزعات القومية والإقليمية والبلدية تبرز في الأقاليم المفتوحة، وبخاصة في مقاطعات خراسان والخزر وبلاد المشرق، وأخذ الطامحون من أبناء فارس والديلم والأتراك يفكرون في الانسلاخ عن جسم الدولة العربية والعمل على استقلالهم الذاتي، ويجهرون بذلك ، وهذا أمر لم يكونوا يجرءون على تنفيذه في العصر الأموي، أما الآن فالقادة منهم، والوزراء منهم، وأصحاب الدواوين والدولة منهم، فما عليهم إلا أن يرسموا الخطط ويهيئوا البرامج للعمل في المستقبل القريب ضد الدولة العربية، وهكذا كان. (10)
كان من جراء نقل العاصمة من الشام إلى العراق أن انتقل النشاط الفكري والسياسي للإمبراطورية العربية إلى المشرق، فسادت الثقافات المشرقية بين الفارسية والسريانية والنبطية والهندية والرومية في الدولة الجديدة، كما ضعف نفوذ الدولة المركزية في الولايات الغربية كشمال إفريقية ومصر وجنوب الجزيرة العربية، وانقطعت الصلة بالمرة بينها وبين الأندلس الذي استقل تماما بتأسيس الدولة الأموية فيه كما بيناه في آخر عصر الاتساق. (11)
كان من جراء نقل العاصمة أيضا، ولأسباب أخرى، أن بعض الممالك الإسلامية في شمال إفريقية وعمان والأندلس لم يتابع الخلافة الجديدة لبعده عنها، أما مصر فكان اعترافها اعترافا شكليا كما سنفصله فيما بعد.
الفصل الثاني
الدعوة العباسية
اجتمعت عوامل عديدة على وضع نهاية للدولة الأموية، وأول هذه العوامل أن الموالي والفرس كانوا قد ضاقوا ذرعا بحكم الدولة العربية، فتآمروا على الإجهاز عليها، وكانوا في آخر القرن الأول وأوائل القرن الثاني للهجرة قد استعادوا بعض قوتهم، وتجمعت لديهم الأسباب التي تمكنهم من الانقضاض على أعدائهم والفتك بخصومهم الذين أذلوهم وأفقدوهم مجدهم وطوحوا باستقلال بلادهم، وقد تعاون هؤلاء الموالي والأعاجم مع نفر من العرب الذين كرهوا حكم بني أمية، فعملوا على التخلص منهم، ومن أبرز هذا النفر بنو هاشم من بني علي وبني العباس.
وهناك عوامل عديدة أخرى عملت في القضاء على العهد الأموي، بالإضافة إلى الفساد الاجتماعي والاقتصادي والسياسي الذي منيت به الدولة في آخر عهدها، ويمكننا إجمال تلك العوامل فيما يلي: (1)
الانقسامات القبلية العديدة التي قسمت الأمة وفرقتها إلى شيع وأحزاب من يمانية وقيسية وعدنانية وقحطانية، وقد تطور هذا الانقسام القبلي إلى انقسام حزبي عنيف نتج عنه تفسخ البيئة العربية تفسخا قذرا، فاتسعت شقة الخلاف بين السكان اتساعا عمل على تهديم أركان الدولة الأموية. (2)
نامعلوم صفحہ
تهاون بعض الخلفاء والأمراء الأمويين في النواحي الدينية والخلقية؛ وانغماسهم في بحور اللهو وأسباب الفسق والاستهانة بآل بيت الرسول
صلى الله عليه وسلم
وفتكهم بهم وتشريدهم.
وقد استطاع العباسيون ودعاتهم الأذكياء أن يستغلوا كل هذا الحنق في سبيل الوصول إلى هدفهم السياسي، واستطاعوا بدهائهم أن يخدعوا العلويين بأن دعوتهم إنما تهدف إلى إحقاق الحق وتسليم الأمر للرضا من «آل بيت محمد»، وكلمة «الرضا» كلمة غامضة ليست محددة، فاستطاع العباسيون ودعاتهم أن يخدعوا بها العلويين وشيعهم، ويسيروهم في دعوتهم إلى أن تم لهم الأمر، فتنكروا لهم وأعادوا سيرة الأمويين معهم، وأصل هذه الدعوة يرجع إلى عهد الفتنة الكبرى التي وقعت بين يزيد بن معاوية وعبد الله بن الزبير، فإنه لما مات يزيد وعظم أمر ابن الزبير في الحجاز ومصر والعراق وبايعه أشراف الناس ووجوههم، امتنع زعيما الهاشميين وهما محمد بن الحنفية وعبد الله بن العباس من مبايعته، فاضطهدهما وسجنهما، وعادت الفتنة من جديد، وكان ظهر آنئذ في الكوفة - التي كانت مقر الحركة العلوية - رجل ذو مطامع سياسية واسعة، هو المختار بن أبي عبيد الثقفي الملقب بكيسان، وأخذ يدعو لآل علي، فالتف حوله رؤساء الشيعة، واستطاع أن ينقذ محمد بن الحنفية من سجنه، ثم جمع جموعه لقتال ابن الزبير، فما كان من ابن الزبير إلا أن وجه إليه أخاه مصعبا، فاستطاع أن يفتك بالمختار ويقضي على دسائسه، ولكنه لم يستطع أن يقضي على حركته، فبقي بعض جذورها التي استطاعت أن تظهر فيما بعد بشكل آخر، أما ابن الحنفية فإنه تراجع منخذلا، ثم اضطر بعد أن قضى عبد الملك بن مروان على الحركة الزبيرية أن يبايعه، ولما مات ابن الحنفية اضطربت أفكار شيعته، فمنهم من قال بغيبته موقتا ورجعته، ومنهم من تبع ابنه أبا هاشم عبد الله بن محمد بن الحنفية متهجمين على بني أمية مبينين ظلمهم وفتكهم بآل النبي
صلى الله عليه وسلم
وإفسادهم أمر المسلمين وما إلى ذلك مما تقتضيه أساليب الدعوة، وكان في خراسان اثنا عشر نقيبا يعملون على هدم بني أمية وإقامة سلطان هاشمي، وكانوا على اتصال بالمركز في الكوفة، أما أبو هاشم عبد الله بن محمد فإنه اضطر أن يلجأ إلى بني عمه من آل العباس الذين كانوا يقيمون في «الحميمة» من أرض فلسطين جنوبي البحر الميت، وكان أكبر رجال آل العباس وقتئذ هو محمد بن علي بن عبد الله بن العباس، فأقام أبو هاشم فيهم، ويقال إنه قد تخلى لهم عن حقه في الخلافة لما أحس بدنو أجله على الشكل الذي سنفصله بعد.
قال ابن الطقطقي صاحب كتاب «الفخري»: «وكان أبو هاشم من رجال أهل البيت، فاتفق أنه قصد دمشق وافدا على هشام بن عبد الملك فأكرمه هشام ووصله، ثم رأى من فصاحته ورياسته وعلمه ما حسده عليه وخاف منه، فبعث إليه وقد رجع إلى المدينة من سمه في لبن، فلما علم بذلك عدل إلى محمد بن علي بن عبد الله بن العباس، وكان نازلا بالحميمة من أرض الشام، فأعلمه أنه ميت وأوصى إليه، وكان في صحبته جماعة من الشيعة، فسلمهم إليه وأوصاه بهم، ثم مات فتهوس محمد بن علي بالخلافة، منذ يومئذ وشرع في بث الدعاة سرا، وما زال الأمر على ذلك حتى مات ...» وموت محمد بن علي هذا كان في سنة 114ه، وقيل: بل في سنة 117ه، والدعاة الذين يشير إليهم ابن الطقطقي هم اثنا عشر داعيا أو نقيبا اختارهم محمد بن علي بن عبد الله بن عباس لينظموا دعوته سرا، وهم: سليمان بن كثير الخزاعي، ومالك بن الهيثم الخزاعي، وطلحة بن زريق الخزاعي، وعمرو بن أعين الخزاعي مولاهم، وعيسى بن أعين الخزاعي مولاهم، وقحطبة بن شبيب الطائي، ولاهز بن قريظ التميمي، وموسى بن كعب التميمي، والقاسم بن مشاجع التميمي، وخالد بن إبراهيم الشيباني، والشبل بن طهمان الحنفي مولاهم، وعمران بن إسماعيل المعيطي مولى أبي معيط. وقد جعل محمد بن علي للدعوة مركزين؛ «أحدهما» في الكوفة، وكانت صلته بالحميمة يتولى أمره ميسرة مولى علي بن عبد الله بن العباس، و«الثاني» في خراسان، وكان مرجعه الكوفة، ويتولى أمره الدعاة الاثنا عشر الذين سلفت أسماؤهم، وكان رئيسهم وصاحب الرأي فيهم سليمان بن كثير الخزاعي.
اختار محمد بن علي بن عبد الله سبعين رجلا ليكونوا مؤتمرين بأمر النقباء الاثني عشر، يعملون في الخفاء على نشر الدعوة العباسية، ويهدمون الدولة الأموية، ويحرصون على تنفيذ ما يقرره النقباء بعد التشاور والتعاون فيما بينهم، وظل هؤلاء يعملون جميعا سرا من أول القرن الثاني إلى سنة 127ه، كانوا يجوبون البلاد متظاهرين بالاتجار أو طلب العلم أو التطبيب أو السياحة، وهم ينشرون دعوتهم متهجمين على بني أمية، مبينين ظلمهم وفتكهم بآل النبي
صلى الله عليه وسلم
وإفسادهم أمر المسلمين، وما إلى ذلك مما تقتضيه أساليب الدعوة، وكان نقباء خراسان الاثنا عشر على اتصال بمركز الكوفة، والكوفة على اتصال بميسرة يخبرونه بكل شيء، وهو يخبر بدوره الحميمة. ومما تجدر الإشارة إليه أنه في سنة 105ه انضم إلى الدعوة رجل ذو خطر كبير هو بكير بن ماهان، وكان من وجوه الخراسانيين ودهاتهم، اتصل بمحمد بن علي فأحبه وآزره في دعوته، وقد لعب بكير دورا كبيرا في نشر الدعوة، وتزويدها بالمال وحسن تنظيماتها، ولما مات محمد بن علي سنة 114ه، وتولى الأمر من بعده ابنه إبراهيم بن محمد، فسار سيرة أبيه في تنظيم الدعوة، واستمر بكير في نشاطه إلى أن مات، فأقام إبراهيم بن محمد مكانه أبا سلمة حفص بن سليمان الخلال، وهو صهر بكير بن ماهان، وحدث آنئذ أن اتصل بإبراهيم شاب من موالي بكير، وكان من ذوي المقدرة والدهاء والسياسة، اسمه عبد الرحمن أبو مسلم الخراساني، وقد تفرس إبراهيم فيه الحزم والقوة فقربه منه واعتمد عليه، ثم وجهه إلى خراسان وأمره أن يعلن الدعوة بعد أن كانت سرية، وأن يشرع بالعمل فورا، وكتب إلى النقباء والشيعة العباسية والعلوية أنه قد أمره عليهم وأعطاه رسالة، وهذا بعض ما جاء فيها: «... يا عبد الرحمن، إنك رجل من أهل البيت، فاحفظ وصيتي وانظر هذا الحي من اليمن، فأكرمهم وحل بين أظهرهم، فإن الله لا يتمم هذا الأمر إلا بهم، وانظر هذا الحي من ربيعة فاهتم في أمرهم ، وانظر هذا الحي من مضر فإنهم العدو القريب الدار، فاقتل من شككت فيه، ومن كان في أمره شبهة، ومن وقع في نفسك منه شيء، وإن استطعت أن لا تدع بخراسان لسانا عربيا فافعل، فأيما غلام بلغ خمسة أشبار تتهمه فاقتله، ولا تخالف هذا الشيخ (يعني سليمان بن كثير) ولا تعصه، وإن أشكل عليك أمر فاكتف به مني ...» وهكذا سار أبو مسلم في دعوته وهو مزود بهذه الوصية التي لا أرى مجالا للشك في صحة نسبتها إلى إبراهيم، كما يذهب إليه بعض مؤرخي العصر؛ لما فيها من طعن صريح في العرب؛ لأن إبراهيم كان يريد الوصول إلى هدفه بأي ثمن، والسياسة عادة لا تعرف مذهبا ولا تتعصب إلا لهدفها.
نامعلوم صفحہ
سار أبو مسلم إلى خراسان في سنة 128ه فلبس السواد الذي اتخذه العباسيون لهم شعارا، وأخذ يدعو الناس للدخول في دعوته ويثيرهم على بني أمية، ويحرضهم لنصرة أبناء الرسول
صلى الله عليه وسلم
فالتفوا حوله، وكانت دولة بني أمية آنئذ قد اضطرب أمرها وكثر الهرج فيها، وكان الخليفة الأموي في دمشق مروان بن محمد قد أحس بخطورة الموقف، فكتب إلى أميره على خراسان «نصر بن سيار» أن يقف أمام ذلك الثائر ويحسم الأمر بشدة إلى أن يجيئه المدد.
ثم بعث هو من جاءه في سنة 131ه بإبراهيم بن محمد بن علي بن عبد الله بن العباس، ولما عرف إبراهيم بطلب مروان إياه أدرك أنه لا بد مقتول، فأوصى بالأمر من بعده إلى أخيه أبي العباس عبد الله «السفاح»، وأمر أهل بيته أن يسمعوا له ويطيعوا، وطلب إليه أن يترك الشام ويفر بإخوته وأبنائه وأهله إلى الكوفة حيث شيعتهم، فسار أبو العباس حتى دخلها خفية، ولما بلغ خبر دخولهم إلى أبي سلمة الخلال أنكر ذلك وخاف مغبته، وطلب إليهم أن يسكنوا خارج الكوفة خوفا عليهم من عيون خليفة دمشق مروان، ثم رأى أن يخفيهم بدار الوليد بن سعيد الجمال من شيعة بني هاشم، وكان ذلك في المحرم من سنة 132ه، فظلوا هناك قرابة شهرين وأمرهم مكتوم حتى عن شيعتهم وكبار رجالات الدعوة.
ولما استطاع أبو مسلم أن يستولي على خراسان كلها، واضطر أميرها نصر بن سيار إلى أن يفر نحو العراق، زحفت الجنود المسودة من خراسان إلى العراق وهي تفتك بالجند المرواني، وكان الحسن وحميد ابنا قحطبة على رأس الجيش العباسي الذي دخل مدينة الكوفة فاتحا في يوم 11 محرم سنة 132ه بعد أن هزما أمير الكوفة، ولما تم للمسودة العباسيين أمر الفتح، وأخذ أبو سلمة «حمام أعين» وهو على بعد ثلاثة فراسخ من الكوفة، جعله معسكرا ومقرا لجنده، ثم فرق عماله وقواده على السهل والجبل من الكوفة إلى أقصى المشرق، وصارت الدواوين بحضرته والكتب ترد إليه.
وهكذا تولى أبو سلمة إدارة الدولة الجديدة وأخذ ينظم أمورها، وها هنا لا بد من الإشارة إلى أمر يذكره بعض المؤرخين؛ وهو أن أبا سلمة أراد في ذلك الحين نقل الخلافة من العباسيين إلى العلويين؛ يقول ابن الطقطقي في «الفخري»: «لما سبر أبو سلمة أحوال بني العباس عزم على العدول عنهم إلى بني علي.» ويقول المقدسي في «البدء والتاريخ»: «إن الناس قد بايعوا إبراهيم وقد مات، ولعله يحدث بعده أمر، وأراد أن يصرف الأمر إلى ولد علي.» هذا ما يقوله المؤرخون، ويظهر أن أبا سلمة كان علوي الهوى فأراد انتهاز هذه الفرصة لنقل الخلافة من آل العباس إلى آل علي؛ ولذلك تريث في الأمر كثيرا ولم يرتح لمجيء أبي العباس وآله إلى الكوفة، وطلب إليهم أن يكتموا أمرهم، ثم إنه لما أعلن الأمر لم يسم الخليفة، وإنما كان يقول: «إنما الأمر قد صار للهاشميين.» كما يذكر ذلك الجهشياري في كتاب الوزراء. وقد كتب أبو سلمة فعلا إلى ثلاثة من العلويين يدعوهم إلى قبول الخلافة؛ وهم الإمام جعفر بن محمد الصادق، وعبد الله بن الحسن المحض، وعمر بن زين العابدين الأشرف، وأما الصادق فأحرق الكتاب، وأما الأشرف فرفض، وقبل عبد الله بن الحسن المحض على الرغم من تحذير جعفر الصادق إياه من التورط في هذه الفتنة، ولكن طلب إلى أبي سلمة أن يعهد بالأمر إلى ابنه محمد، فإنه رجل مسن فلم يوافق أبو سلمة، ومهما يكن من أمر فإن مساعي أبي سلمة قد فشلت، فاضطر أن يعلن خلافة أبي العباس بعد مراوغة دامت سبعين يوما.
الفصل الثالث
خلافة أبي العباس السفاح العباسي
تضطرب المصادر في تعيين اليوم الذي سمي فيه أبو العباس خليفة، وأكثر الأقوال شهرة هو أن ذلك كان في ربيع الأول من سنة 132ه/كانون الأول سنة 749م، وكان أول من بايعه أبو سلمة، وثم توالى الناس، ولما تمت مبايعة الناس إياه صعد المنبر وجلس من دونه عمه داود بن علي، فخطب الناس وقال: «الحمد لله الذي اصطفى الإسلام لنفسه تكرمة، وشرفه وعظمه واختاره لنا وأيده بنا، وجعلنا أهله وكهفه والقوام به، والذابين عنه والناصرين له، وخصصنا برحم رسول الله وقرابته، وأنبتنا من شجرته، ووضعنا من الإسلام وأهله بالموضع الرفيع، وأنزل بذلك على أهل الإسلام كتابا يتلى عليهم فقال سبحانه:
إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا .
نامعلوم صفحہ
وقال أيضا:
قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى ، فأعلمهم جل ثناؤه فضلنا، وأوجب عليهم حقنا ومودتنا ... بنا هدى الناس بعد ضلالتهم، ونصرهم بعد جهالتهم، وأنقذهم بعد هلكتهم، وأظهر بنا الحق، ودحض بنا الباطل، وأصلح بنا منهم ما كان فاسدا ... فتمم الله ذلك منة ومنحة لمحمد
صلى الله عليه وسلم ، فلما قبضه الله إليه قام بذلك الأمر من بعده أصحابه، أمرهم شورى، فحووا مواريث الأمم فعدلوا فيها ووضعوها مواضعها وأعطوا أهلها ... ثم وثب بنو حرب وبنو مروان فابتزوها وتداولوها بينهم، فجاروا فيها واستأثروا بها وظلموا أهلها، فأملى الله لهم حينا حتى آسفوه، فلما آسفوه انتقم منهم بأيدينا ورد علينا حقنا، وتدارك بنا أمتنا، وولي نصرنا ... يا أهل الكوفة، أنتم محل محبتنا ... أنتم الذين لم يثنكم من ذلك تحامل أهل الجور عليكم حتى أدركتم زماننا وأتاكم الله بدولتنا، فأنتم أسعد الناس بنا وأكرمكم علينا ... وقد زدتكم في أعطياتكم مائة درهم ، فاستعدوا فأنا السفاح المبيح والثائر المبير.»
وكان السفاح إذ ذاك موعوكا فاشتد به المرض فجلس على المنبر، وقام عمه داود بن علي وكان من أفصح بني العباس، فخطب خطبة رائعة قال فيها: «إنا والله ما خرجنا في هذا الأمر لنكثر لجينا ولا عقيانا، ولا نحفر نهرا ولا نبني قصرا، وإنما أخرجتنا الأنفة من ابتزازهم حقنا، والغضب لبني عمنا، وما كربنا من أموركم، وبهظنا من شئونكم، ولقد كانت أموركم ترمضنا على فرشنا، ويشتد علينا سوء سيرة بني أمية فيكم، وخرقهم بكم واستئثارهم بفيئكم وصدقاتكم ومغانمكم، لكم ذمة الله وذمة رسول الله
صلى الله عليه وسلم
وذمة العباس رحمه الله أن نحكم فيكم بما أنزل الله، ونعمل فيكم بكتاب الله، ونسير في العامة منكم والخاصة بسيرة رسول الله
صلى الله عليه وسلم ...
يا أهل الكوفة، إنا والله ما زلنا مظلومين مقهورين على حقنا، حتى أتاح الله لنا شيعتنا من أهل خراسان فأحيا بهم حقنا، وأفلج بهم حجتنا، وأظهر بهم دولتنا، وأداكم الله ما كنتم له تنتظرون ... وأدالكم على أهل الشام، ونقل إليكم السلطان وعز الإسلام ... ألا ما صعد منبركم هذا خليفة بعد رسول الله
صلى الله عليه وسلم
إلا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، وأمير المؤمنين عبد الله بن محمد (وأشار بيده إلى أبي العباس)، فاعلموا أن هذا الأمر فينا حتى نسلمه إلى عيسى بن مريم صلوات الله عليه.»
نامعلوم صفحہ
نرى من هاتين الخطبتين السابقتين الأسس التي اعتمد عليها العباسيون في طلبهم الخلافة، والسياسة التي سيسيرون عليها في دولتهم الآتية، وأنهم قوم ثائرون على الظلم، يطلبون بحق شرعي أعطاهم الله إياه وفرضه لهم على الناس، وأنهم لذلك سيحيون سنة النبي، وسيعملون بالكتاب، ولم ينس أبو العباس أن يعد الناس بزيادة العطاء لاجتذاب قلوبهم، كما لم ينس داود أن يذكر ثقته بدوام هذه الدولة وطول عهدها وبقائها إلى قيام الساعة.
ولما تمت البيعة العامة للخليفة الجديد رأى أن أول ما يجب عليه عمله هو تتميم فتح العراق، فبعث الجيوش لفتح ما بقي من أجزاء العراق، وللاستيلاء على الشام، والقضاء على مروان بن محمد وجيشه ، وكان مروان قد خرج من الشام بجيش لجب حتى أتى الموصل، فبعث إليه أبو العباس بعمه عبد الله بن علي، والتقى الجيشان على نهر الزاب الأعلى (الكبير) في يوم 11 جمادى الآخرة سنة 132ه/25 كانون الثاني 750م، وتم النصر لعبد الله وجنوده، وهرب مروان بمن معه حتى أتى حران، فأقام فيها نيفا وعشرين يوما، حتى إذا دنا منها عبد الله رحل مروان بأهله وولده إلى قنسرين فحمص فدمشق، وعبد الله من ورائه فحاصر دمشق طويلا، ولكن أميرها الوليد بن معاوية اضطر إلى الاستسلام، فدخل عبد الله دمشق وفتك بالأمويين فتكا ذريعا، وهرب مروان بن محمد إلى مصر فلحق به المسودة حتى أدركوه قرب «أبو صير» وقتلوه لثلاث بقين من ذي الحجة سنة 132ه، وبقتله انتهت دولة بني أمية في الشرق، وتوطدت أركان الدولة العباسية.
ويجب أن نشير ها هنا إلى أن قوة إيمان الخراسانيين ومن معهم من جنود العباسيين بالدعوة، كانت قوة كاسحة استطاعت أن تتغلب على جيش الأمويين اللجب الكثير بعدده، الثري بأمواله، الضعيف بإيمانه.
وكما يجب أن نشير هنا أيضا إلى أن القضاء على الأمويين لم يقض على أنصارهم في الشام؛ فقد قامت ثورات في أجناد حمص وقنسرين والجزيرة وحوران وفلسطين، وكان هؤلاء يتخذون البياض شعارا لهم مقابلة للون السواد الذي اتخذه العباسيون شعارهم ونكاية بهم، وقد استطاع أبو العباس أن يقضي بدهائه وحزمه على كل هذه الثورات التي ثارت في الشام، كما استطاع أخيرا أن يقضي على ثورة يزيد بن عمر بن هبيرة الذي أخذ يثير الناس للمطالبة بدم الخليفة القتيل مروان بن محمد، وحاول أن يستعين باليمانية الذين كانوا أمويي الهوى، ولكنه فشل آخر الأمر ودب الانقسام في صفوف جنده وجماعته، فاضطر إلى طلب الصلح وكتب له الأمان، ولكنه قتل ونقض عهده، وبموت ابن هبيرة وقتل من بقي من الأمويين وأنصارهم صفا الجو للعباسيين واشتد لهم الأمر.
وكأن أبا العباس قد أخذ يحس بالخطر الكامن في أبي سلمة الخلال، الذي كان هو علوي الهوى، ولم ينس أبو العباس محاولة الخلال في نقل الأمر إلى العلويين، فأخذ يفكر في التخلص منه، ولكنه خشي إن قتله أن يثور أبو مسلم الخراساني، فكتب إليه يستبين رأيه ويقول له إن أبا سلمة قد خان العهد وأخذ يفسد في البلاد، فأشار عليه أبو مسلم بقتله، ولكن الخليفة لم يفعل ذلك، بل طلب إلى أبي مسلم أن يبعث بأحد رجاله فيقتله، ويقول ابن قتيبة الدينوري والمسعودي: «إن أبا مسلم قد نفس على أبي سلمة مكانته وسلطانه لدى الخليفة، فحرض على قتله.» وسواء أكان صاحب الفكرة هو الخليفة أو أبا مسلم، فإن أبا سلمة قد أضحى خطرا؛ لأنه استبد بالأمر وتسلم جميع شئون الخليفة، فكان ذلك السبب في قتله.
ولما قتل أبو سلمة صفا الأمر لأبي العباس ونفذت إرادته وحده في أرجاء المملكة الإسلامية من أقصاها إلى أقصاها، واستطاع أن يفرض سلطته الفعلية كخليفة قوي يحكم فيسمع قوله، ويدبر فينفذ تدبيره في أرجاء مملكته. لا بأس ها هنا من وقفة لنبين فيها خارطة رقعة تلك المملكة الواسعة، رقعة الدولة الإسلامية في ذلك العصر، مع بيان موجز عن كل إقليم منها وشيء من أحواله، معتمدين في ذلك على ما كتبه الجغرافي الموثوق المعاصر لذلك العهد؛ ألا وهو الشيخ أبو عبد الله محمد بن أحمد بن أبي بكر المقدسي المعروف بالبشاري (المتوفى سنة 375ه) في كتابه القيم «أحسن التقاسيم في معرفة الأقاليم»، فقد ذكر في كتابه هذا ما خلاصته أن المملكة الإسلامية في ذلك العهد كانت تمتد طولا من أقصى بلاد الشرق عند مدينة كاشغر إلى السوس الأقصى على شاطئ بحر الظلمات، وأنها تمتد عرضا من شواطئ بحر قزوين إلى أواخر بلاد النوبة، ويقول أيضا (ص65) إن طول هذه المملكة ألف وستمائة فرسخ.
وكانت هذه المملكة الواسعة تنقسم إلى أربعة عشر إقليما هي: (أ)
إقليم جزيرة العرب:
وتشتمل على أربع كور جليلة وهي:
الحجاز:
نامعلوم صفحہ
وقصبته «مكة المكرمة»، ومن مدنه: «طيبة»، و«ينبع»، و«الجار» وهو ساحل المدينة، و«جدة» وهي ساحل «مكة»، و«الطائف»، ويتبع الحجاز «وادي القرى».
اليمن:
وهو قسمان ؛ فما كان نحو البحر فهو غور واسمه تهامة، وقصبته «زبيد»، وما كان من ناحية الجبل فهو «نجد» وقصبته «صنعاء»؛ ومن مدنه «مخا» و«كمران» و«عدن»، وتتبعه بلاد الأحقاف، وبها من المدن «حضرموت».
بلاد عمان:
وقصبتها «صحار» على شاطئ بحر الهند، ومن مدنها «نزوة السر» و«ضنك».
بلاد هجر:
وقصبتها مدينة «الأحساء» (البحرين)، ومن مدنها «سابون» (الزرقاء)، ويتبع ديار هجر بلاد «اليمامة» وقصبتها «الحجر».
وأهل هذا القسم لغتهم عربية محضة، تتكلم اللسان العربي إلا «صحار»، فإن نداءهم وكلامهم بالفارسية، وأكثر أهل عدن وجدة فرس، إلا أن اللغة عربية، وأهل عدن يقولون عوض «رجليه»: «رجلينه»، ويجعلون الجيم كافا.
وأصح لغات العرب لغات قبائل هذيل، ثم نجد الحجاز، ثم بقية الحجاز، ثم بقية العرب، إلا سكان «الأحقاف» فإن لسانهم وحش.
أما مذاهبهم فالتشيع في بلاد اليمن، ومذهب الخوارج بعمان وهجر، ومذهب أهل السنة فيما عدا ذلك، والاعتزال في أهل السروات وسواحل الحرمين إلا عمان، ومذهب القرامطة بهجر.
نامعلوم صفحہ
وفي شمال الجزيرة العربية بادية العرب، وهي بادية ذات مياه وغدران وآبار وتلال ورمال وقرى ونخيل، قليلة الجبال كثيرة الكثبان، مخيفة السبل، خفية الطرق، طيبة الهواء، ردية الماء، ليس بها بحيرة ولا نهر إلا «الأزرق»، ولا مدينة بها إلا «تيماء»، وفيها اثنا عشر طريقا توصل إلى مكة (منها تسع طولا يؤدين إلى مكة، وثلاث عرضا يؤدين إلى الشام)، وبها طريق آخر لوادي القرى يؤدي إليها من البصرة، ثم إلى مصر، وهذه الطرق هي: (1) طريق مصر. (2) طريق الرملة. (3) طريق الشراة. (4) طريق تبوك. (5) طريق وبير. (6) طريق بطن السير. (7) طريق الرحبة. (8) طريق هيت. (9) طريق الكوفة. (10) طريق القادسية. (11) طريق واسط. (12) طريق وادي القرى. (13) طريق البصرة.
وتجد تفاصيل هذه الطرق في أحسن التقاسيم للبشاري (ص249)، ووصف جزيرة العرب للحسن بن أحمد الهمداني. (ب)
إقليم العراق:
وهي ست كور وهي:
الكوفة:
وقصبتها «الكوفة»، وهي من أمهات المدن الإسلامية، ومن مدنها «القادسية» و«عين التمر» قرب كربلاء.
البصرة:
وقصبتها «البصرة»، وهي من كبريات المدن الإسلامية أيضا، ومن مدنها «الأبلة» ولعلها آتية من كلمة
Apolon ، و«عبادان».
واسط:
نامعلوم صفحہ
وقصبتها «واسط»، وهي من كبريات المدن الإسلامية أيضا، ومن مدنها «فم الصلح» قرب كوت الإمارة.
المدائن:
وقصبتها «بغداد»، وهي مدينة كسروية، ومن مدنها: «النهروان» «ديالي»، و«الدسكرة»، و«جلولاء»، و«جرجرايا».
حلوان:
وقصبتها «حلوان»، وبها من المدائن: «خانقين»، و«السيروان»، و«بندنيجان».
سامراء:
وقصبتها «سامراء»، وبها من المدائن: «الكرخ»، و«عكبرا»، و«الأنبار» أبو فياض من قرب الفلوجة، و«هيت»، و«تكريت». وهذا الإقليم كان يسمى في القديم إقليم بابل، وهكذا كان اسمه في التقويم الأول في عهد العباسيين، وقد كان زهرة ملك العباسيين وأجمل بلدانهم وأثراها، ورافداه الدجلة والفرات من أحسن أنهار الدنيا، يقول البشاري (ص32): هو أظرف الأقاليم وأخف على القلب وأحد للذهن، وبها تكون النفس أطيب، والخاطر أدق، وهواء هذا الإقليم مختلف، فبغداد وواسط بلد رقيق الهواء سريع الانقلاب، ربما توهج في الصيف وآذى ثم انقلب سريعا، والكوفة بخلافه، ويكون بالبصرة حر عظيم غير أن الشمال ربما هبت فطاب، وحلوان معتدلة، والبطائح نعوذ بالله منها. والغلبة ببغداد للحنابلة والشيعة، وبها مالكية وأشعرية ومعتزلة ونجارية، وبالكوفة الشيعة، وأكثر أهل البصرة قدرية وشيعة ثم حنابلة، وببغداد غالية يفرطون في حب معاوية ومشبهة.
وأمة هذا الإقليم نبطية دخل عليها العرب في بلادها، فزاحموها وصارت كأنها لهم وأصبحت لغة هذا الإقليم عربية، وأصح لغاتهم الكوفية، لقربها من البادية وبعدها عن النبط، وأما سكان البطائح فنبط، والذين نزلوا بهذا القسم من الإقليم من العرب أكثر من الذين منهم بأي قطر آخر ما عدا الشام والجزيرة، وقد كان بهذه الأقاليم ملوك المناذرة بالعراق، وملوك الغساسنة بالشام، إلا أنهم لم يكونوا مستقلين، فلما جاء الإسلام اتسق لهم الملك بالإقليمين، وكان الشام مهد الدولة الأموية، كما كان العراق مهد الدولة العباسية.
ومساحة العراق طولا من السن إلى البحر 125 فرسخا، وعرضه من العذيب إلى عقبة حلوان 80 فرسخا. (ج)
إقليم آقور:
نامعلوم صفحہ
ويسمى إقليم الجزيرة وآثورا وآشور، وهو ما بين دجلة والفرات، وبها ثلاث كور وهي:
ديار ربيعة:
وقصبتها «الموصل»، ومن مدنها «الحديثة» و«تل عفر » و«سنجار» و«نصيبين» و«دارا» و«رأس العين» و«ثمانين»، وبها ناحية «جزيرة ابن عمر».
ديار مضر:
وقصبتها «الرقة»، وبها مدن «باجروان» و«الرافقة» و«سروج» و«حصن مسلمة» و«حران» و«الرها».
ديار بكر:
وقصبتها «آمد»، وبها مدن «ميافارقين» و«حصن كيفا».
وقد نزل العرب هذه الديار قبل الإسلام، وسكنها قبائل من العدنانيين سميت بهم؛ ولذلك يعتبر هذا الإقليم عربيا محضا؛ لأن من كان به من الآشوريين وغيرهم قد درست آثارهم، وينتهي هذا الإقليم إلى حدود الروم وأرمينية، ومناخه مقارب للشام ومشابه للعراق، وبه مواضع حارة وباردة، وبه نخيل وزيتون، ومذاهب أهله سنة، و«عانة» وهي للمعتزلة. (د)
إقليم الشام:
وبه ست كور وهي:
نامعلوم صفحہ
قنسرين:
وقصبتها «حلب»، ومن مدنها: «أنطاكية»، و«بالس»، و«سميساط»، و«منبج»، و«قنسرين»، و«مرعش»، و«إسكندرونة»، و«معرة النعمان»، و«حماة»، و«شيزر».
حمص:
وقصبتها «حمص»، ومن مدنها: «سلمية»، و«تدمر»، و«اللاذقية»، و«أنطرسوس».
دمشق:
وقصبتها «دمشق»، ومن مدنها: «بانياس»، و«صيدا»، و«صور»، و«بيروت»، و«طرابلس»، و«بعلبك».
الأردن:
وقصبتها «طبرية»، ومن مدنها: «قدس»، و«صور»، و«عكا»، و«بيسان»، و«أذرعات».
فلسطين:
وقصبتها «الرملة»، ومن مدنها: «بيت المقدس»، و«عسقلان»، و«يافة»، و«أرسوف»، و«قيسارية»، و«أريحا»، و«عمان».
نامعلوم صفحہ
الشراة:
وقصبتها «صغر» أو «زغر»، ومن مدنها: «مآب»، و«معان»، و«تبوك»، و«أذرع»، و«أيلة».
وهذا الإقليم سكنه العرب قبل الإسلام وملكوا به، ولما جاء الإسلام استقر فيه، ولغة أهله عربية، وحدوده من الشمال بلاد الروم، والمدن التي على حدودها يقال لها «الثغور»، وعندها يكون الجهاد لرد غارات الروم، وأكبر مدن هذا الإقليم «حمص»، وفيه قلعة متعالية ترى من خارج، و«دمشق» هي مصر الشام ودار الملك أيام بني أمية، وثم قصورهم وآثارهم والجامع أحسن شيء للمسلمين اليوم، ولا يعلم لهم مال مجتمع أكثر منه، وهو أحد عجائب الدنيا ، وهو إقليم متوسط الهواء إلا وسطه من الشراة إلى الحولة فإنه بلد الحر، ومذاهبهم مستقيمة أهل جماعة وسنة ، وأهل «طبريا» ونصف «نابلس» و«قدس» و«عمان» شيعة، ولا ماء فيه للمعتزلة وإنما هم في خفية. (ه)
إقليم مصر:
وبه سبع كور وهي:
الجفار:
وقصبتها «الفرمة»، ومن مدنها: «البقارة»، و«الورادة»، و«العريش».
الحوف: (الشرقية) وقصبتها «بلبيس»، ومن مدنها: «مشتول»، و«قاقوس»، و«القلزم».
الريف:
وقصبتها العباسية (العباسة)، ومن مدنها: «منهور»، و«سنهور»، و«شهور»، و«بنها العسل»، و«شطنوف»، و«مليج»، و«المحلة الكبيرة»، و«دقهلية»، و«دميرة».
نامعلوم صفحہ
إسكندرية:
وقصبتها «إسكندرية»، ومن مدنها: «الرشيد»، و«مريوط»، و«البرلس»، و«ذات الحمام».
مقدونية:
وقصبتها «الفسطاط» (وهو المصر)، ومن مدنها: «العزيزية»، و«الجيزة»، و«عين شمس».
الصعيد:
وقصبته «أسوان»، ومن مدنها: «حلوان»، و«قوص»، و«إخميم»، و«البلينا»، و«الفيوم»، و«بوصيم».
الواحات:
وهي عدة واحات في الصحراء المصرية.
وأمة هذا الإقليم في القديم مصرية قبطية، وسكنها كثير من الأمم التي ملكتها كاليونان والرومان وغيرهم، وكان بالحوف قبائل عربية، ولما جاء الإسلام دخلها كثير من العرب، ثم دخلها كثير منهم أيام بني أمية، وأقاموا بالحوف (الشرقية).
وغلب على أهلها اللسان العربي، غير أن لغتهم ركيكة رخوة، وذمتهم يتحدثون بالقبطية، وأهل هذا الإقليم على مذاهب أهل الشام غير أن أكثرهم مالكيون، والفتيا اليوم على المذهب الفاطمي. (و)
نامعلوم صفحہ
إقليم المغرب:
وهو ثماني كور وهي:
برقة:
وقصبتها «برقة»، وبها من المدن: «رمادة»، و«طرابلس»، و«أجدابية»، و«غافق».
إفريقية:
وقصبتها «القيروان»، وبها من المدن: «صفاقس»، و«سوسة»، و«تونس»، و«بونية»، و«بنزرد»، و«جزيرة بني زغناية»، و«منستير»، و«طبرقة»، و«قسنطينة».
تاهرت:
وقصبتها «تاهرت»، وبها من المدن: «مطماطة»، و«وهران»، و«شلف».
سجلماسة:
وقصبتها «سجلماسة»، وبها من المدن: «درعة»، و«أمصلي»، و«تازروت»، و«دار الأمير».
نامعلوم صفحہ
فاس السوس الأدنى:
وقصبتها «فاس»، وبها من المدن: «البصرة»، و«طنجة»، و«وزغة»، و«صنهاجة»، و«هوارة»، و«سلا».
السوس الأقصى:
وقصبتها «طرفانة»، ومن مدنها: «أغنات»، و «ماسة»، و«تندلي».
الأندلس:
وقصبتها «قرطبة»، وكان في العهد الأموي تابعا لبني أمية، أما في العهد العباسي فقد استقل كما هو معروف.
جزيرة صقلية:
وقصبتها «بلرم»، ومن مدنها: «الخالصة»، و«أطرابنش»، و«ماوز»، و«جرجنت»، و«سرقوصة»، والقيروان هو مصر الإقليم وبه مواضع الحر، ومعادن البرد، وكثير اليهود، وأما المسلمون فعلى ثلاثة مذاهب: المالكية والحنفية والفاطمية، وأكثر أهل صقلية حنفيون، ولغتهم عربية إلا أنها منغلقة، ولهم لسان آخر يقارب الرومي، وأهل هذا الإقليم في جهاد دائم. (ز)
إقليم المشرق:
وهو قسمان وهما: (1)
نامعلوم صفحہ
ما وراء النهر، وهو شرقي نهر جيحون، ويسمى هيطل. (2)
غربي نهر جيحون، ويسمى بلاد خراسان.
أما وراء النهر فهو ست كور وهي:
فرغانة:
وقصبتها «أخسيكث»، ومن مدنها: «نصر آباد»، و«أوزكند»، و«مرغينان».
إسبيجاب:
وقصبتها «إسبيجاب»، ومن مدنها: «فاراب» (باراب)، و«ترار»، و«طراز»، و«بلاسكون».
الشاش:
وقصبتها «بنكث»، ومن مدنها: «نكث»، و«بناكث»، و«غناج»، و«إيلاق».
أشروسنة:
نامعلوم صفحہ