عہد اضطراب: عرب قوم کی تاریخ (پانچواں حصہ)
عصر الازدهار: تاريخ الأمة العربية (الجزء الخامس)
اصناف
7
وهذا يوضح لنا أن ثورة المازيار فارسية خرمية ترمي إلى هدم السلطان العربي والدين الإسلامي، وقد اعتنقها عدد كبير من الإيرانيين وعم بلاؤهم، فعاثوا خلال الديار، واضطر الخليفة إلى أن يبعث إليهم الحسن بن الحسين، حيان بن جبلة، ومحمد بن إبراهيم، بجيوش كبيرة ليعاونوا عبد الله بن طاهر للقضاء عليهم، وهكذا استطاع الجيش العباسي من السيطرة عليه وأسره، فأرسل إلى سامراء وصلب إلى جانب بابك سنة 224. (4)
حركة بابك الخرمي : ذكرنا في بحثنا عن المأمون أن بابك الخرمي ظهر في عهده وأخذ يدعو الناس إلى دين الخرمية، وأن أمره تعاظم جدا فبعث إليه المأمون جماعة من كبار قواده ففتك بهم، ومات المأمون وسلطان بابك ممتد إلى «أذربيجان» و«همذان» و«أصفهان» و«ماسبذان»، وأن المأمون أوصى المعتصم بقوله: «والخرمية فأغزهم ذا حزامة وصرامة وجلد، واكنفه بالأموال والسلاح والجنود من الفرسان والرجالة، فإن طالت مدتهم فتجرد لهم بمن معك.» وهكذا كان، فبذل المعتصم همته في خضد شوكة بابك؛ لئلا يسيطر على البلاد الفارسية التي تروقها دعوته، فاختار لحرب بابك قائدا كبيرا هو حيدر بن كاوس الأشروسني الملقب بالأفشين، وهو لقب ملوك أشروسنة، وبعثه إليه في سنة 220ه، فنظم الأفشين أمره واستعد للقاء خصمه القوي، ثم خرج فأتى أردبيل وكانت أول وقعة بينهما في «أرشق» أحد حصون الأفشين ففتك بهم، واستطاع هو الإفلات ودخل موقان، واستمرت الحروب بين الاثنين مدة طويلة، وفي سنة 221ه استطاع الأفشين الاستيلاء على «البذ» وهي قلعة بابك، ثم أسر بابك وأخاه وأسرته، وذهب بهم مقرنين في الأصفاد إلى سامراء، وكان دخوله عليها يوما مشهودا، وما لبث أن قتل وصلب، وهكذا قضي على هذا الثائر الطاغية، الذي يروي الطبري أن عدد من قتلهم من المسلمين في عشرين سنة كان 250000 مسلم، وأن عدد الأسيرات المسلمات اللواتي استنقذن من سجنه 7600، ويقول المسعودي:
8 «إن من أدركه الإحصاء ممن قتله بابك في 22 سنة من جيوش المأمون والمعتصم من الأمراء والقواد وغيرهم من سائر طبقات الناس في القول المقلل خمسمائة ألف، وقيل أكثر من ذلك، وإن الإحصاء لا يحيط به كثرة.» وتقدير الطبري أقرب إلى الصواب فيما نظن؛ لأنه كان يطلع على الوثائق الرسمية. (5)
فتنة الأفشين : كان الأفشين من قواد المعتصم الكبار الذين لعبوا دورا على مسرح السياسة في العصر العباسي، ويظهر أن الرجل طمع في الاستقلال بأشروسنة، فقد عرف عبد الله بن طاهر أن الأفشين لما كان يحارب بابك كان لا تأتيه هدية، ولا يجتمع له مال إلا أرسله إلى موطنه سرا، ثم علم المعتصم بأن مراسلات قد كانت بينه وبين المازيار الثائر، واطلع الخليفة على تلك المراسلات فكتمها، وساءت ظنونه في الأفشين، وفي سنة 225ه كتب صاحب البريد في أذربيجان إلى الخليفة أن منكجور بين الأفشين وأمير أذربيجان قد احتجن أموالا عظيمة في محاربة بابك، ولكنه لما سئل عن ذلك لم يعترف، ولما أراد المعتصم وقتئذ على الأفشين فأحس بذلك وأراد الهرب إلى أرمينية عن طريق الموصل فلم يوفق، ثم أراد القيام بمؤامرة لقتل الخليفة فلم يوفق، واكتشفت مؤامرته فقبض عليه وسجن في رابع ذي الحجة سنة 225ه، ثم عقد المعتصم محكمة عليا لمناظرة الأفشين برئاسة الوزير محمد بن عبد الملك الزيات وعضوية أحمد بن أبي دؤاد قاضي القضاة وإسحاق بن إبراهيم بن مصعب، وقد حفظ لنا الطبري وصاحب العيون والحدائق محضر هذه الجلسة، وفيما يلي خلاصة ذلك المحضر: عن هارون بن عيسى بن المنصور قال: «شهدت دار المعتصم وفيها أحمد بن أبي دؤاد وإسحاق بن إبراهيم ومحمد بن عبد الملك، وأتي بالأفشين ولم يكن بعد بالحبس الشديد، فأحضر قوم من الوجوه لتبكيت الأفشين بما هو عليه، ولم يترك بالدار أحد من أصحاب المراتب إلا ولد المنصور وصرف الناس، وكان المناظر له محمد بن عبد الملك» ... أما المواد التي ناقشه فيها فيمكن إجمالها فيما يلي: (1)
سئل عن جلده مؤذنا وإمام مسجد في أشروسنة، فأجاب: لأنهما حولا بيت أصنام إلى مسجد، وهذا ينافي الاتفاق مع ملوك الصغد بترك الروم على دينهم. (2)
سئل عن كتاب وجد عنده، وهو مزين بالذهب والفضة والجوهر والديباج مع أن فيه كفرا بالله، فأجاب: إنه كتاب ورثه من أبيه، فيه آداب الملوك، فكنت أستمتع بالأدب وأترك ما سوى ذلك ككتاب كليلة ودمنة. (3)
قال الموبذ (وهو رجل الدين عند الفرس، وقد طلب إليه أن يحضر شاهدا لتلك المناظرة): إن هذا كان يأكل المخنوقة، ويحملني على أكلها، ويزعم أنها أرطب لحما، وكان يقتل شاة سوداء كل يوم أربعاء يضرب وسطها بالسيف ، ثم يمشي بين نصفيها ويأكل لحمها، وإنه قال يوما: إني قد دخلت لهؤلاء القوم في كل شيء أكرهه حتى أكلت لهم الزيت، وركبت الجمل ولبست النعل، غير أني لهذه الغاية لم تسقط عني شعرة (يعني أنه كبر ولم يختتن)، فلما سمع الأفشين كلامه قال: خبروني عن هذا الذي يتكلم بهذا الكلام، أثقة هو في دينه؟ قالوا : لا، قال: فما معنى قبولكم شهادته؟ ثم التفت إلى الموبذ وقال له: كنت أدخلك إلي وأبثك سري، وأخبرك بالأعجمية وميلي إليها وإلى أهلها، فلست بالثقة في دينك ولا بالكريم في عهدك، إذا أفشيت علي سرا أسررته إليك. (4)
قال المرزبان بن تركش، (وهو أحد ملوك الصغد، وهو ممن شهد عليه): إن أهل أشروسنة كانوا في رسائلهم يكتبون «إلى إله الآلهة من عبده فلان بن فلان»، فقال الأفشين: نعم، وهذه عادة القوم لأبي وجدي، ولي قبل أن أدخل الإسلام، فكرهت أن أضع نفسي دونهم فتفسد علي طاعتهم. (5)
قال له ابن أبي دؤاد: أمطهر أنت؟ فقال: لا، قال فما منعك من ذلك وبه تمام الإسلام؟ قال: لم أكن أعلم هذا!
نامعلوم صفحہ