عہد انبثاق: عرب قوم کی تاریخ (حصہ اول)
عصر الانبثاق: تاريخ الأمة العربية (الجزء الأول)
اصناف
إلى أن نمو الإسلام وتكونه متأثران تأثرا عميقا بالأفكار والآراء الهيلينية، وأن نظامه التشريعي متأثر بالفقه الروماني، وأن تصوفه وفلسفته ليس إلا تمثلا لتيارات الأفكار الهندية والأفلاطونية الحديثة، وأن الإسلام قد صهر ذلك كله، وأخرج للناس مجموعة أفكار نشرها بين الناس باسم دين جديد. ويغالي كولدزيهر فيقول: إن تبشير النبي العربي ليس إلا مزيجا منتخبا من معارف وآراء دينية عرفها أو استقاها بسبب اتصاله بالعناصر اليهودية أو المسيحية وغيرها التي تأثر بها تأثرا عميقا، والتي رآها جديرة بأن توقظ عاطفة دينية حقيقية عند بني وطنه ... لقد تأثر بهذه الأفكار تأثرا وصل إلى أعماق نفسه، وأدرك بإيحاء قوته التأثرات الخارجية، فصارت عقيدة انطوى عليها قلبه، كما صار يعتبر هذه التعاليم وحيا إلهيا، وأصبح - بإخلاص - على يقين بأنه أداة لهذا الوحي.
37
ويقول المستشرق الفرنسي البارون كارا دي فو: «يرى المسلمون أن التشريع الإسلامي - الفقه - ذو علاقة قوية بالدين، بل هم يذهبون إلى أنه جزء منه، وأن الفقه مأخوذ كله من الوحي - أي القرآن - كسائر أجزاء الدين، ولما كان في القرآن شيء من الإيجاز فقد عمدوا إلى توضيحه بالآثار - أي بسنة النبي والصحابة والتابعين - هذه هي النظرية الأساسية، وبناء عليها ذكر الفقه في الكتب الإسلامية على أنه بعد القرآن والآثار الإسلامية من غير إشارة إلى أصولها الأجنبية قط. وهذه النظرية لا تثبت عند النقد، وإذا قرأ إنسان بعض آيات الأحكام، ثم قرأ صحيفتين من أصل مبسوطات الفقه رأى الفرق الواضح بين الاثنين، فذلك نص ساذج عليه مسحة البداوة، وهذا تحليل منطقي علمي دقيق عليه آثار الثقافة، ذاك شبه مسودة جافة بالية قائمة في الصحراء، وهذا بحث ممحص معقول متسق مع التطور المدني. هاتان هما حالتا الإسلام اللتان ينبغي شرحهما، فمن أين جاءت قوانين القرآن؟ ومن أين جاءت قوانين الفقهاء؟ ... ولست أريد أن أنكر - بادئ الرأي - طرافة القرآن، ولكني لا أرى مساغا من الإشارة إلى أن تلك القوانين الفقهية متأثرة بالتلمود والقانون المسيحي، وقد تكون بقايا العادات العربية القديمة قد وجدت لها منفذا في بعض الأحوال.»
38
وهناك أقوال لمستشرقين آخرين، أمثال: ديموين في كتابه: «النظم الإسلامية»، وكولدزير في مقاله عن الفقه الإسلامي في دائرة المعارف الإسلامية، وساتتلانا المستشرق الإيطالي في مشروعه للقانون المدني التونسي الذي وضعه سنة 1899، وفون كرامر في «مباحثه الإسلامية» وواضح من هذه الأقوال أن روح التعصب المقيت السخيف قد أملتها؛ لأن صلات النبي
صلى الله عليه وسلم
وصحابته - رضي الله عنهم - باليهود والنصارى لم تكن صلات قوية بحيث يتدارس النبي وصحابته مع اليهود والنصارى، ويفيدون منهم هذه الفوائد العقلية التي تجلى أمرها في القرآن والحديث والآثار، ثم إن يهود الجزيرة ونصاراها كانوا يهودا مستعربين أو بداة، يعيشون مثل معيشة العرب ويفكرون مثل تفكيرهم، ولم يكونوا أرقى منهم مستوى ولا أفضل منهم درجة، وإذا قرأنا الشعر اليهودي العربي الذي خلفه يهود الجاهلية أو صدر الإسلام نرى أنه شقيق الشعر العربي الذي قاله العرب في أفكاره وألفاظه ومعانيه، وفي هذا دليل على أن القوم - من عرب ويهود بل ونصارى - كانوا على صعيد فكري واحد، وإن تمسك اليهود والنصارى بدينهم ولم يكن تمسكا مشينا ولا معرفتهم بدينهم إلا معرفة ضحلة، وإلا ظهر ذلك في أقوالهم وأشعارهم وحكمهم.
هذه مذاهب المستشرقين في تبيين العقلية العربية الإسلامية، ولم يفكر واحد منهم بدراسة أوضاع العرب قبل الإسلام، والفحص عن حالتهم العقلية ومستواهم الفكري، وإنه من المعقول جدا أن يتأثر النبي
صلى الله عليه وسلم
وكبار صحابته ببيئتهم العربية قبل أن يتأثر بالبيئات الأجنبية الغريبة عنهم؛ لهذا كله نرى أن من واجب الباحثين أن ينصرفوا إلى دراسة عصر ما قبل الإسلام؛ ليبينوا حقيقة ما كان عليه القوم والدرجة الثقافية والعقلية التي كانوا عليها. إن أركان الدين المحمدي هي خمسة: الشهادة بالتوحيد، والصلاة، والصوم، والزكاة، والحج.
نامعلوم صفحہ