تاريخ نجد الحديث وملحقاته
تاريخ نجد الحديث وملحقاته
اصناف
بعد وقعة الصريف واستتباب السيادة الرشيدية في نجد شد الظافر ثانية على ابن الصباح، فنزل الحفر الماء المعروف الكائن في منتصف الطريق بين القصيم والكويت.
1
وراح يوسف آل إبراهيم يشحذ بالأصفر الرنان عزم الدولة أو بالحري عزم أولي الأمر من رجالها في العراق.
وكانت شكوى الموتورين أبناء أخوي الشيخ مبارك قد وصلت إلى الآستانة ففتحت لها السياسة أذنها وبريطانية العظمى وقتئذ وراء الستار. قال السفير الكلمة التي طالما أصاخ لها الباب العالي فأنذر صاحب الكويت. نعم، انقلبت الدولة العلية على الشيخ مبارك، وهو الذي ساعدها لتستولي على الحساء، فسيرت إلى الكويت باخرة حربية.
وكان ابن الرشيد قد زحف إلى أطراف البلاد وهم بالهجوم على الجهرى، تلك البلدة الكائنة وراء الخليج على ضفة الجون الغربي، على مسافة خمسة عشر ميلا من العاصمة. أحاط الأعداء بالشيخ مبارك، حاقت «بالحواقة» الأخطار، ولكنه لم يفقد من عزمه ودهائه شيئا، فعندما رأى نفسه وبلاده في شبه الحصار فتح قلبه للدولة الأخرى الراسية بواخرها الحربية عند الشاطئ الفارسي من الخليج. أرسل إلى أبي شهر يستنجد الإنكليز، فجاءه بعد ثلاثة أيام مركب حربي ورسا في مياه الكويت عشرين يوما.
تلبد جو السياسة في بغداد والبصرة، فابتسم مبارك وهو يجهز الحملة الثانية على ابن الرشيد، بل ضحك وهو زاحف إلى الجهرى، والمركب الحربي سائر في مرأى من الجيش إليها: أتبغون حصاري برا وبحرا؟ ها أنا ذا جئتكم بحرا وبرا بالقوات التي لا تغلب.
ولم يطلق المركب الحربي مدفعا إلا أن الربان أذن ببعض المدافع الرشاشة فأنزلت في الزوارق إلى البر ومعها ضباط علموا الكويتيين استخدامها، ثم خطر في بال ذاك الربان الذكي أن يرهب العربان بالأسهم النارية، فأرسلها ليلا في الفضاء وكان لها التأثير المطلوب. قيل إن ابن الرشيد ورجاله لاذوا بالفرار عندما رأوا النيران تشتعل في كبد السماء.
بعد هذا الحادث وتلك الأسهم النارية أدرك الأمير الشمري أنه بدون مساعدة الدولة مباشرة لا يستطيع الاستيلاء على الكويت. عاد إذن بجيشه إلى الحفر، وشرع يفاوض الترك في بغداد. فلما علم الشيخ مبارك بذلك أراد أن يشغله بنجد وراء الدهناء.
وكان السعد في وجود آل سعود بالكويت خادما لمبارك. هو ذا عبد العزيز وهو يأبى أن يقف في الغزو عند خيبته الأولى. هو ذا عبد العزيز وهو منذ رجوعه من الرياض يلح على والده ليستأذن من الشيخ مبارك بإعادة الكرة على ابن الرشيد، فأذن الشيخ حبا وكرامة.
ولكن الغزو يكون جماعة، والجماعة - أربعون رجلا من عائلة آل سعود وخدامهم السابقين - حاضرون، لا يلزمهم غير الركائب والبنادق والزاد، وشيء من المال. أجاب الشيخ مبارك الطلب فأعطى عبد العزيز أربعين ذلولا، وثلاثين بندقية، ومائتي ريالا، وبعض الزاد.
نامعلوم صفحہ