تاريخ الملک الظاہر

ابن شداد d. 684 AH
82

تاريخ الملک الظاہر

تاريخ الملك الظاهر

اصناف

ذكر ما دبره معين الدين البرواناة في إخراج أجاي من بلاد الروم

لما اطلع أجاي على ما كاتب به البرواناة وتقونوين في أمره إلى أبغا ، بعت إلى أبغا يعلمه أن تقونوين والبرواناة اتفقا على أكل مال الروم ، وأنهما يشيان بي إليك حتى خرجاني عنها ويستبدان بها . فكتب إليه : "من هو البرواناة حتى يسمع كلامه فيك ، أمره إليك إن شئت أن تقتله وإن شئت أن تبقيه" . وكان البرواناة لما بلغه أن أجاي بعث رسولا في أمره جعل له عينا عليه عند عوده بالجواب ، فلما قدم الرسول أخذ إلى دارالبرواناة وأنزل واكرم وحمل إليه الخمر وأعطى بعض غلمانه دراهم ، وأمره آنه إذا سكر يسرق الكتاب الذي معه ويحمله إليه ليقف عليه ويعيده إليه ، ففعل ذلك . فلما وقف على الكتاب وفهم مضمونه سارع في تجهيز هدية سنية وبعث بها إلى أجاي ولاطفه باعذار قبلها منه ، وصرف وجه غيظه عنه . ثم ان البرواناة آخذ خطوط وجوه اهلالروم من القضاة والفقهاء والأعيان بأن أجاي كان قد عزم على قتله وقتل تقونوين وتسليمالبلاد لصاحب مصر ، فعاد الجواب باستدعاء اجاي وتقونوين والبرواناة ومرحسيا القسيس والأمير سيف الدين طرنطاي البكلربكي ، فخاف البرواناة من استصحابالأمير سيف الدين فأقطعه أرزنجان وولاه كفالة السلطان غياث الدين ، ثم خرج فيمن بقي واستصحب معه كل من كان أجاي ظلمه وعسفه ليستصرخون عليه عند أبغا ، فوصلوا إليه في شهر ربيع الأول . فلما مثلوا بين يديه وسمع شكوى المتظلمين أمر أجاي أن يقيم عنده وقتل من أصحابه سبعة أنفس ، وأنهى مرحسيا إلى أبغا أن البرواناة أقطع الأمير سيف الدين طرنطاي أرزنجان حتى لا أسكنها ، وأني إن اقتطعتها حملت في كل سنة خمس ماية فرس عليها خمس ماية فارس نجدة ، فقال له تقونوين : "أنت تلبس ا/ البرنس ولا يليق الإقطاع إلا لمن يلبس السراقوج ، فإن كنت ترغب في الإقطاع فاخلع البرنس" . وقال البرواناة : "هذا يضيع من أموال الروم في كل سنة شيئا كثيرا لأنه يحمي من الفلاحين خلقا يلبسهم البرانس فلا يؤدون الخراج ولا الجزية . فأمر أبغا أن لا يحتمي أحد من ساير البلاد لمرحسيا إلا في آرزنجان لا غير لأنها كانت سكنه ، ثم عادوا إلى الروم في شهر ربيع الآخر .

صفحہ 123