تجمعهم بسلطان المماليك في مصر مودة عظيمة قد أوغروا صدر الظاهر بيبرس على أبي نمي اذا صح هذا فمن الطبيعي أن يعتذر أبو نمي اعتذار الضعيف الذي لا يملك من القوة ما يقاوم به جنود المماليك في مصر.
اعتذر أبو نمي ونحن نعتقد أنه لم يكن في اعتذاره مخلصا كل الاخلاص ، وأنه ما لبث أن عاد الى عناده مع مماليك مصر وليس للضعيف المستعصي على الطاعة من حيلة أمام القوي الا العناد في الحدود التي يستطيع أن يمارس فيها عناده ، لهذا لا عجب ان يؤدي العناد الى استثناف فرض المكوس واهمال بعض شؤون الحراسة خصوصا فيما يتعلق بالركب المصري ، ولا عجب أن يتصل بحكومة الرسوليين سرا في اليمن ويتقبل هداياهم ويختفي بركبهم في مكة ، ولعله كان يقدهم على ركب المصريين .. ويدلنا على هذا جميعه ما يذكره الفاسي من أن الملك المنصور قلاوون الألفي (1) كتب الى أبي نمي في عام 681 يستحلفه بأن يخلص طويته ولا يضمر للمماليك غدرا ولا يلتفت الى جهة غير جهتهم!! وألا يقدم غيرهم عليهم وأن يبيح زيارة البيت للعاكف والبادي وأن يؤمن سيرهم وأن يفرد الخطبة والنقود باسمهم وأن لا ينقض ذلك.
وقد حلف أبو نمي صيغة اليمين التي طلبوها منه وكأني به لا يملك سبيلا الى العصيان ولعله شعر أن الجهة التي يعرضون بها فيما استحلفوه وهم الرسوليون في اليمن لا يملكون مناصرته ضد مماليك الأتراك في مصر.
صفحہ 296