تاريخ غزوات العرب في فرنسا وسويسرا وإيطاليا وجزائر البحر المتوسط
تاريخ غزوات العرب في فرنسا وسويسرا وإيطاليا وجزائر البحر المتوسط
اصناف
1
وكان «ببين» و«شارلمان» قد أخذا يراسلان أهالي «كتالونيا» و«أراغون» و«نابار» ليوحدوا حركتهم مع الإفرنج، كما أنهما كانا دائما يمدان أيدي التحريك إلى أمراء العرب الثائرين على السلطان في قرطبة، وكثيرا ما هم، ثم لم يلبث شارلمان وأولاده أن وطئوا بالفعل أرض إسبانية وأدخلوا بعضها في مملكتهم؛ لأن الولايات التي تشرب من نهر الأيبر
2
بقيت مدة من الزمن تابعة لفرنسة، ثم عندما أخذ المسيحيون سكان الشمال يكرون على العرب ويسترجعون بلاد آبائهم كان أهالي جنوبي فرنسة الذين أكثرهم والإسبان من أصل واحد يخفون لنجدتهم ويجيبون لصريخهم.
ومما يدلك على بعد المدى الذي تصل إليه أهواء النفوس إذا استحكمت العداوة أن أمراء قرطبة كانوا في نزاع دائم مع خلفاء بغداد، وكان وكد كل من الفريقين النكاية بالآخر، أكثر منه في الفتوحات في بلاد المسيحيين أنفسهم، وبينما كان ملوك قرطبة يراسلون قياصرة القسطنطينية الذين كانوا في حرب مع مسلمي الشام وفارس ومصر كان خلفاء الشرق يعقدون معاهدات مع ملوك الفرنسيس الذين كانوا في حرب مستمرة مع مسلمي الأندلس، وكانت لذلك العهد العلاقات التجارية قد بدأت بين الشرق والغرب وسارت السفن تختلف بين «مرسيلية» و«فريجوس» ومرافئ سورية ومصر؛ لأجل التجارة بالبهارات والطيوب والمنسوجات الحريرية، وانضمت إلى هذه العلاقات التجارية أسباب دينية كان يستهان لأجلها بجميع الأخطار، وذلك أن المسيحيين في الغرب كانوا في أثناء الحروب بينهم وبين المسلمين لا يتأخرون ساعة عن أن يزوروا البقاع المقدسة في فلسطين.
وفي سنة 733 ذهب حجاج من الغرب إلى بيت المقدس والناصرة وكانوا يجولون آمنين في فلسطين والشام وزاروا قصر الخليفة نفسه في دمشق ولم يعترضهم أحد
3
ولا خافوا ولا حزنوا.
وكان الخلفاء العباسيون يعاملون الدولة الإفرنسية أحسن معاملة، ويتبادلون وإياها التحف والألطاف، وإن كان قد وجد من عمالهم في إفريقية من يشن الغارات على سواحلنا، في الأحايين، فما ذاك إلا لتباعد المسافات بين أولئك العمال وبين مركز الخلافة العباسية.
هذا ومنذ استرجع «ببين» القصير «أربونة» وأجلى العرب عنها سكنت الأمور بين مسلمي الأندلس والفرنسيس، وكان «ببين» يعد «البيرانه» هي التخم الطبيعي بين فرنسة وإسبانية، وكان عبد الرحمن مشغولا حينئذ بمحاربة الأمراء الخارجين عليه، ولم يكن «ببين» يهمل شيئا من الوسائل لإثارة نيران الفتن بين المسلمين، وسنة 759 أي بعد استرداد الفرنسيس لأربونة دخل أمير برشلونة المسمى سليمان
نامعلوم صفحہ