تاريخ غزوات العرب في فرنسا وسويسرا وإيطاليا وجزائر البحر المتوسط
تاريخ غزوات العرب في فرنسا وسويسرا وإيطاليا وجزائر البحر المتوسط
اصناف
ولما كان جمهور أهالي أربونة من المسيحيين، وقد ضرسهم حصار أربونة بنابه ولم يعد لهم طاقة بتحمل تلك الحالة، داخلوا الملك ببين سرا على أن ينتفضوا على المسلمين وينضموا إلى جيشه، بشرط أنهم يكونون في المستقبل أحرارا في بلدتهم، وتكون إدارة أمورهم بحسب عرف القوط، وهكذا تم الاتفاق بينهم وبين ببين، فبينما كانت الحامية الإسلامية غافلة عما يصنعون كبسوها على غفلة منها، وذبحوها بأجمعها، وفتحوا أبواب البلدة للفرنسيس، وكان ذلك سنة 759 فانقرضت حكومة الإسلام من أربونة، وأبقى الملك ببين جيشا وافرا لأجل حراسة البلاد.
241
أ.ه. ملخصا من كلام رينو.
هوامش
الفصل الثاني
غارات العرب على فرنسة من بعد جلائهم عن أربونة إلى عهد استيلائهم على بروفانس سنة 889
مسيحية
قال «رينو»: إن العهد الذي سنتكلم عنه الآن في هذا القسم من تاريخنا مختلف عن العهد الذي تقدمه والذي سردنا وقائعه، فقد ظهر لنا مما تقدم من الوقائع أن العرب في تغلغلهم في فرنسة لم يكونوا مقتصرين على نية الاستيلاء على هذه المملكة فقط، وإدخالها في الإسلام، بل كان هدف رميهم الاستيلاء على سائر أوربة وإضافة هذه القارة التي كادت في زمان الرومانيين تستولى على العالم، إلى سلطنة الإسلام كإحدى مقاطعاتها، ومما لا ينبغي أن ننساه أن قواد الجيش العربي الفاتح كان أكثرهم من الجزيرة العربية والشام والعراق، فكان مركز ديانتهم ومبعث قوتهم في الشرق، ومن الشرق، فكانت جميع أعراقهم تنزع بهم إلى هناك، ولم يكن في نظرهم عقبة كؤود بعد أن قاموا بتلك الفتوحات التي لا نظير لها، وكانوا كلما كانت مملكة أوسع رقعة وأكثر رجالا وجدوها أصلح للغارة وأجدر بالفتح وبنيل المجد في الدنيا والثواب في الآخرة.
أما العهد الذي سندخل فيه الآن فلا يماثل العهد السابق؛ فإن الأمير الذي بدأ يتولى الأندلس كان بقية عائلة مالكة قد ثل عرشها في الشام وأبيد رجالها بالسيف، ففر شريدا وانسل وحيدا إلى إسبانية، وأصبح لا يرى في إفريقية وفي سائر أقسام السلطنة الإسلامية إلا أعداء له ولأهله، ولم تكن الجزيرة الأندلسية بالقطر الذي يمكنه وحده أن يستقل بحملات عظيمة كفيلة بالاستيلاء على الأرض الكبيرة، بل كان المسلمون في ذلك القطر قد دب في جوانبهم الوهن بسبب الفتن الداخلية المستمرة التي كانت بينهم، والتي كانت قد أبادت خضراءهم، وبما تأصل في طباع أهل الأندلس من غريزة حسب الانتقاض على كل سلطة مما اهتبل به المسيحيون، سكان المقاطعات الشمالية، الغرة لأجل الكرة على العرب.
وكانت فرنسة التي هي مرمى العرب في هذه الغارات تتأيد يوما فيوما ويغلظ أمرها، فإنها في عهد «ببين» و«شارلمان» خضعت بأجمعها لسلطة واحدة، وكان يمكنها لدى الحاجة أن تستعين بجيوش جرارة تأتيها من ألمانية وبلجيكا وإيطالية، فارتفع إذا كل خوف من وجودها بعد ذلك عرضة لاعتداء المعتدين، ولم يعد مسلمو إسبانية هم المهاجمين لمسيحيي فرنسة، بل أصبح مسيحيو فرنسة هم المهاجمين لمسلمي إسبانية.
نامعلوم صفحہ