ومن أمثلة الخلاف بين الصحابة ، ما جاء في بعض المرويات ان رجلا تزوج من امرأة ولم يفرض لها صداقا ومات قبل ان يدخل بها ، فأفتاهم عبد الله ابن مسعود بأن لها صداق أمثالها من النساء ، وكان ابن مسعود متخوفا من هذا القضاء ، ولما حدثه معقل بن سنان الأشجعي أحد الصحابة ان رسول الله قضى بمثل ذلك ارتاحت نفسه ، ولكن عليا (ع) قد خالفه في ذلك وأفتاهم بأن عليها ان تعتد وترث من ماله ولا صداق لها (1) الى غير ذلك من الأمثلة الكثيرة التي أوردها المؤلفون في تاريخ التشريع وتدوين السنة ، ويبدو من تلك الأمثلة ان عليا (ع) كان طرفا في أكثر الخلافات التي كانت تحدث بين الصحابة في تشريع الأحكام بعد وفاة الرسول (ص)، وأن أحكامهم لا تنسجم مع النصوص القرآنية ، ولا مع المبادئ العامة للتشريع ، ولا بد لهم من الوقوع في هذه الفوضى بعد ان تشددوا في قبول الأحاديث ، وفتحوا باب الاجتهاد والعمل بالرأي ، وقاسوا الأشياء بالأشياء والنظائر بمثلها.
فأعطوا الأمور المشتركة في العلة المستنبطة أو في المصلحة حكما واحدا ، ونتيجة ذلك ان الشارع قد ساوى في الأحكام بين المتماثلات ، وخالف بينها في غير مورد التماثل والتشابه ، مع العلم بأنه قد فرق بين المتماثلات أحيانا في الحكم ، وساوى بين المختلفات في بعض الأحيان (2) ولذا فإن جماعة من فقهاء الصدر الأول كانوا ينهون عن
صفحہ 136