تاریخ فلاسفہ اسلام
تاريخ فلاسفة الإسلام: دراسة شاملة عن حياتهم وأعمالهم ونقد تحليلي عن آرائهم الفلسفية
اصناف
ولابن رشد فضل لا ينكر على روجير بيكون الفيلسوف الشهير، فقد استفاد من كتبه وحيا واستنزل من حكمته إلهاما، وذكره في كتابه اللاتيني «أبوس ماجوس» وأثنى عليه وعلى مواهبه وسعة علمه، وقال: «إنه فيلسوف متين متعمق، صحح كثيرا من أغلاط الفكر الإنساني، وأضاف إلى ثمرات العقول ثروة لا يستغنى عنها بسواها، وأدرك كثيرا مما لم يكن قبله معلوما لأحد، وأزال الغموض من كثير من الكتب التي تناولها ببحثه.»
أما توماس أكويناس الشهير (1225-1274) الذي صار قديسا لأنه كان أعظم لاهوتي في كنائس الغرب وأكبر فلاسفة القرون الوسطى، فقد علا نجمه بكتابه إجمال اللاهوت «سوماتيولوجيا»، وقد وصف الله فيه بالطبيعة الفعالة.
ذكر القديس توماس أسباب اتصاله بالأفكار الدنيوية، ودل على أن الفضل في وضع كتابه شكلا ومادة يرجع إلى طريقة ابن رشد وفلسفته، وهو في الظاهر يفندها وينتقدها، ولكنه كلما حاول الوصول بالفكر إلى إحدى نتائج الحكمة قرر مبدأ التعدد الذي أساسه أزلية المادة، مستمدا ذلك من ابن رشد وأرسطو.
ولم ينج ابن رشد من ألسنة رجال الكنيسة، فقد ذموه بكل شفة ولسان، وطعنوا عليه أقبح طعن. قال بترارك عنه: «إنه ذلك الكلب، الكلب الذي هاجه غيظ ممقوت، فأخذ ينبح على سيده ومولاه المسيح والديانة الكاثوليكية.» أما دانتي فقد جعله في وقار وهدوء يتبوأ مجلسه في الجحيم جزاء كفره واعتزاله.
وممن تعذب في سبيل ابن رشد هرمان فان ريزويك الكاهن الهولندي الذي أحرق بتهمة الهرطقة في لاهاي في سنة 1512، ومن عجائب القدر أن هذا الحكيم الفاضل كان قبل هدايته بالحكمة قاضيا في محكمة التفتيش، ولم يدافع أحد عن الدين المسيحي مثل دفاعه بلاغة وإخلاصا واعتقادا. ولكنه بعد ذلك غير فكره فقال - بلسانه وهو حائز سائر صفاته الشرعية ومتمتع بجميع قواه العقلية - أمام مجلس التفتيش الذي عقد في سنة 1502 لمحاكمته: «إن العالم أزلي ولم يخلق كما ادعى ذلك المجنون (!) موسى، وإنه لا يوجد جحيم ولا حياة مستقبلة، وإن السيد المسيح لم يكن ابن الله، لقد ولدت مسيحيا ولكنني لست الآن منكم لأنكم مجانين.» فحكم عليه المجلس بالسجن المؤبد.
ثم تقدم للمحاكمة ثانية بعد عشرة أعوام، وقد حسبوه قد تحول أو أن السجن ألان من صلابته وأضعف من شكيمته، أو لطف من مغالاته، أو قلل من تحامله، فوجدوه أصلب وأقوى وأعند مما كان! فحكموا بإحراقه وأحرق فعلا في 14 ديسمبر سنة 1512، وقد قال في ذلك اليوم جملة هي سبب هذا الاستشهاد الطويل وهي: «إن أعلم العلماء أرسطو وشارحه ابن رشد، وهما أقرب إلى الحقيقة. بهما اهتديت وبفضلهما رأيت النور الذي كنت عنه عميا.»
فأثبت بذلك أنه كان رشدي المبدأ والنزعة، وأنه لولا اعتقاده ومجاهرته ما تعذب في سبيل فكره.
الفصل الثامن
ابن خلدون
ولد ابن خلدون أعظم فلاسفة التاريخ في الشرق والغرب في تونس سنة 732ه، وتوفي في مصر في سنة 808ه، فهو من عظماء القرن الثامن الهجري، واسمه أبو زيد عبد الرحمن بن محمد بن محمد بن خلدون ولي الدين التونسي الحضرمي الأشبيلي المالكي، وأصله من أسرة أندلسية توطنت في أشبيلية، ثم نزح أجداده من أشبيلية إلى تونس في أواسط القرن السابع للهجرة، ويعود أجداد ابن خلدون بنسبهم إلى بني وائل من قبائل اليمن، ويردون هجرة جدهم الأعلى من اليمن إلى الأندلس، إلى القرن الثالث الهجري.
نامعلوم صفحہ