تاریخ فلاسفہ اسلام
تاريخ فلاسفة الإسلام: دراسة شاملة عن حياتهم وأعمالهم ونقد تحليلي عن آرائهم الفلسفية
اصناف
وقال عند الكلام على تعجيز أبي حامد الفلاسفة عن إثبات الصانع: إن وجود المتقدمات عند الفلاسفة ليس شرطا في وجود المتأخرات، بل ربما كان الشرط فساد بعضها، وأمثال هذه العلل (وجود المطر عن الغيم والغيم عن البخار) هي عندهم مرتقية لعلة أولى أزلية تنتهي الحركة إليها في علة من هذه العلل في وقت حدوث المعلول الأخير، مثال ذلك أن سقراط إذا ولد أفلاطون فإن المحرك الأقصى للتحريك عندهم في حين توليده إياه هو الفلك أو النفس أو العقل أو جميعها أو الباري، ولذلك يقول أرسطو إن الإنسان يولده إنسان وكذا الأفلاك بعضها عن بعض إلى أن ترتقي إلى محركها، ومحركها إلى المبدأ الأول، فإذن ليس الإنسان الماضي شرطا في وجود الإنسان الآتي. (42-12) في علم الباري بالجزئيات
وكذلك الأمر في الكليات والجزئيات يصدق عليها سبحانه أن يعلمها ولا يعلمها، هذا هو الذي يقتضيه أصول الفلاسفة القدماء منهم، وأما من فصل فقال إنه يعلم الكليات ولا يعلم الجزئيات فغير محيط بمذهبهم ولا لازم لأصولهم، فإن العلوم الإنسانية كلها انفعالات وتأثيرات عن الموجودات، والموجودات هي المؤثرة فيه، وعلم الباري سبحانه هو المؤثر في الموجودات، والموجودات هي المنفعلة عنه، وإذا تقرر هذا فقد وقعت الراحة من جميع المشاجرة بين أبي حامد وبين الفلاسفة في هذا الباب وغيره. (42-13) نقد الفلاسفة
قلنا إن ابن رشد لم يتحيز لفريق دون آخر، بل كان في كتابه حكما بين الجميع، قال في مسألة القول بأن الله ليس هو فاعلا وإنما هو سبب من الأسباب التي لا يتم الشيء إلا به وقدم العالم وحدوثه «هذا القول هو من جواب ابن سينا في هذه المسألة عن الفلاسفة وهو قول سفسطائي. والحال في وجود الحركة أنها دائما تحتاج إلى المحرك، والمحققون من الفلاسفة يعتقدون أن هذه هي حال العالم الأعلى مع الباري، فضلا عما دون العالم العلوي، وبهذا تفارق المخلوقات المصنوعات، فإن المصنوعات إذا وجدت يقترن بها عدم، يحتاج من أجله إلى فاعل به يستمر وجودها».
لما أراد أرسطو أن يبين كون الأرض مستديرة بطبائعها أنزلها محدثة ليتصعد العقل منها العلة ثم ينقلها إلى الأزلية، وذلك في المقالة الثانية من السماء والعالم، وذلك لأن الفلاسفة تقول إن من قال إن كل جسم محدث، وفهم من الحدوث الاختراع من لا موجود؛ أي من العدم، فقد وضع معنى من الحدوث لم يشاهده قط، وجملة الأمر أن الجسم عندهم سواء كان محدثا أو قديما ليس مستقلا في الوجود بنفسه، وهي عندهم في الجسم القديم واجبة على نحو ما هي عليه في الجسم المحدث، إلا أن الخيال لا يساعد كيفية وجودها في القديم كما يساعد في الجسم المحدث.
وأما الدهرية فالحس هو الذي اعتمدت عليه، وذلك أنه لما انقطعت الحركات عندها بالجرم السماوي وانقطع به التسلسل ظنت أنه قد انقطع بالعقول وانقطع بالحس. وأما الفلاسفة فإنهم اعتبروا الأسباب حتى انتهت إلى الجرم السماوي، ثم اعتدوا الأسباب المعقولة فأفضى بهم الأمر إلى موجود ليس بمحسوس، هو علة ومبدأ للموجود المحسوس.
وأما الأشعرية (وهم أهل السنة الذين تلقى ابن رشد أصول الفقه في صباه على طريقتهم كما تقدم في ترجمته) فإنهم جحدوا الأسباب المحسوسة؛ أي لم يقولوا بكون بعضها أسبابا لبعض وجعلوا علة الموجود المحسوس، موجودا غير محسوس بنوع من الكون غير مشاهد ولا محسوس، وأنكروا الأسباب والمسببات وهو نظر خارج عن الإنسان بما هو إنسان.
مسألة كون الجسم ليس واجب الوجود بذاته، إذا وضع واجب الوجود موجودا مركبا من أجزاء قديمة من شأنها أن يتصل بعضها ببعض، كالحال في العالم وأجزائه؛ صدق على العالم وأجزائه أنه واجب الوجود، هذا كله إذا سلمنا أن ههنا موجودا هو واجب الوجود، ويظهر ضعف هذه الطريقة عند من يفرض جسما بسيطا غير مركب من مادة وصورة وهو مذهب المشائين.
ولذلك يقول الإسكندر إنه لا بد أن يكون ههنا قوة روحانية سارية في أجزاء العالم كما يوجد في أجزاء الحيوان الواحدة قوة تربط أجزاء بعضها ببعض، والفرق ههنا أن الرباط الذي في العالم قديم، من قبل أن الرابط قديم، فتدارك الخالق هذا النقص الذي لحقه بهذا النوع من التمام الذي لا يمكن فيه غيره كما يقوله أرسطو في كتاب الحيوان.
وقد رأينا في هذا الوقت كثيرا من أصحاب ابن سينا لموضع هذا الشك قد تأولوا على ابن سينا هذا الرأي، وإنما سمى فلسفته المشرقية لأنها مذهب أهل المشرق، فإنهم يرون أن الآلهة عندهم هي الأجرام السماوية على ما كان يذهب إليه، وهم مع هذا يضعفون طريق أرسطو في إثبات المبدأ الأول من طريق الحركة. (42-14) الكلام عن واجب الوجود
مذهب ابن رشد في الذات والصفات أن الصفات لاصقة بالذات وقائمة بها ومتحدة معها وليست زائدة عنها. وأن الجسم السماوي عند الفلاسفة ليس مركبا من مادة وصورة، وإنما هو عندهم بسيط وقد يظن أنه يصدق عليه أنه واجب الوجود بجوهره. (42-15) مذهب النصارى في الأقانيم الثلاث
نامعلوم صفحہ