وكل حي سالك سبيل ودعا الحسين(ع) ربه كثيرا وقال: (( اللهم أنت ثقتي في كل كرب، ورجاي في كل شدة، وأنت لي في كل أمر نزل بي ثقة وعدة، كم هم يضعف به الفؤاد وتقل فيه الحيلة، ويخذل فيه الصديق، ويشمت به العدو، فأنزلته بك وشكوته إليك رغبة فيه إليك عمن سواك ففرجته وكشفته أنت ولي كل نعمة وصاحب كل حسنة ومنتهى كل رغبة يا أرحم الراحمين )) (1).
ثم جمع الحسين (ع) أصحابه ليلة العاشر من محرم وخطبهم وأثنى عليهم ليتأكد من إخلاصهم وليبعد عنهم الخوف والإنهزام. فقال (ع) بعد الحمد والثناء: (( اللهم إنك تعلم إني لا أعلم أصحابا خيرا من أصحابي ولا أهل بيت خيرا من أهل بيتي، فجزاكم الله خيرا فقد آزرتم وعاونتم والقوم لا يريدون غيري، ولو قتلوني لم يبتغوا غيري أحدا، فإذا جنكم الليل فتفرقوا في سواده وانجوا بأنفسكم )).
فقام إليه أخوه (( العباس بن علي )) وبنوا عقيل فقالوا: (( معاذ الله والشهر الحرام فماذا نقول للناس إذا رجعنا إليهم أنا تركنا سيدنا وابن سيدنا وعمادنا وتركناه غرضا للنبل، ودريئة للرماح، وجزرا للسباع، وفررنا عنه رغبة في الحياة؟ معاذ الله. بل نحيا بحياتك ونموت معك (2).
وقام أصحابه وضجوا بأجمعهم يرفضون الفرار. وقالوا: (( والله لا نفارقك وأنفسنا دون نقسك نفديك بأرواحنا من جميع الأسواء. فإذا نحن قتلنا فقد قضينا ما علينا )).
وبهذه الروح العالية والصمود الإيماني وقفوا مع الحسين(ع) حتى قتلوا عن آخرهم.
عمر بن سعد
كان عمر بن سعدموعودابولاية الري (3) من قبل ابن زياد فأمره ابن زياد بالمسير لقتال الحسين (ع) فقال: (( اعفني أيها الأمير )). قال ابن زياد (( قد أعفيتك من ذلك ومن الري )) فتحركت الأهواء والمطامع في نفس عمر بن سعد فقال: انظرني في أمري أيها الأمير وعاد ابن سعد وهو يقول:
صفحہ 58