ثم يقول: (( ولا يكونن المحسن والمسيئ عندك بمنزلة سواء، فإن في ذلك تزهيدا لأهل الإحسان في الإحسان وتدريبا لإهل الإساءة، والزم كلا منهم ما ألزم نفسه )).. إلى أن يتحدث عن الحكم فيقول: (( ثم اختر للحكم بين الناس أفضل رعيتك في نفسك ممن لا تضيق به الأمور ولا تمحكه الخصوم ولا يتمادى في الزلة، ولا يحصر من الفيء إلى الحق إذا عرفه، ولا تشرف نفسه على طمع، ولا يكتفي بأدنى فهم دون أقصاه، وأوقفهم في الشبهات، وآخذهم بالحجج، وأقلهم تبرما بمراجعة الخصم، وأصبرهم على تكشف الأمور، وأصرمهم عند اتضاح الحكم ممن لا يزدهيه إطراء ولا يستميله إغراء.وأولئك قليل ثم أكثر تعاهد قضائه.. )) ثم يبين (ع) كيفية إختيار الولاة على المناطق داخل الأقاليم فيقول لمالك: (( ثم انظر في أمور عمالك فاستعملهم اختبارا، ولا تولهم محاباة وأثرة، وتوخ منهم التجربة والحياء من أهل البيوتات الصالحة )).
ثم بين له (ع) سياسته مع جميع طبقات المجتمع فقال: (( ثم استوص بالتجار وذوي الصناعات وأوص بهم خيرا والمقيم منهم، والمضطرب بماله، والمترفق ببدنه، فإنهم مواد المنافع، وأسباب المرافق )) إلى أن يقول: (( وتفقد أمورهم بحضرتك وفي حواشي بلادك فامنع من الإحتكار فإن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم (( منع منه، وليكن البيع بيعا سمحا بموازين عدل، وأسعار لا تجحف بالفريقين من البائع والمبتاع )).
ثم يحدثه عن الفقراء والمساكين وحقوقهم فيقول: (( ثم الله الله في الطبقة السفلى من الذين لا حيلة لهم من المساكين والمحتاجين وأهل البؤسى والزمنى، فإن في هذه الطبقة قانعا ومعترا، واحفظ الله ما استحفظك من حقه فيهم، واجعل لهم قسما من بيت مالك وقسما من غلات صوافي الإسلام في كل بلد، فإن للأقصى منهم مثل الذي للأدنى، وتعهد أهل اليتم وذوي الرقة في السن ممن لا حيلة له، ولا ينصب للمسألة نفسه، وذلك على الولاة ثقيل والحق كله ثقيل، وقد يخففه الله على أقوام طلبوا العاقبة فصبروا أنفسهم ووثقوا بصدق موعود الله لهم )).
ثم يكمل عليه السلام عهده يوصي بذوي الحجات ويأمره بان يجعل لنفسه فيما بينه وبين الله أفضل تلك المواقيت، وأن يقيم فرائض الله وأن يتقرب من الرعية ولا يحتجب عنهم. إلى أن يختتم ذلك العهد بعدة مناهي حذره منها، مثل الظلم، والمن، والعجلة، (( وإياك والإستئثار بما الناس فيه أسوة والتغابي عما تعنى به مما قد وضح للعيون فإنه مأخوذ منك لغيرك، وعما قليل تنكشف عنك أغطية الأمور وينتصف منك للمظلوم )) (1).
وصيته الخالدة (ع):
صفحہ 45