وإذا قد وافانا ذكر الامر فلنقل على أقسامه قولا مجيزا؛ وذلك أن الامر ينقسم اقساما منها: الواجب الملزم، وهو عنصر الامر لا ينقل عنه لفظ الامر الا بدليل برهاني؛ ومنها المحضوض عليه غير الملزم، ومنها المسموح فيه، وهو الذي تركه افضل؛ ومنها التبرؤ كقول القائل: اعمل ما شئت؛ ويكون الآمر غير راض عن المأمور؛ ومنها الوعيد كقوله تعالى: ﴿اعملوا ما شئتم﴾ (٤٠ فصلت: ٤١) ومنها التهكم (١) كقوله تعالى: ﴿ذق إنك انت العزيز الكريم﴾ (٤٩ الدخان ٤٤) ومنها تقرير كقول المعصي: فد نهيتك فاصبر واحتمل ما أتاك؛ ومنها تعجيز كقوله تعالى ﴿قل كونوا حجارة أو حديدا﴾ (٥٠ الاسراء: ١٧) ومنها ما هو بمعنى الدعاء، كقول القائل: ابعد، اخسأ؛ ومنها زجر؛ كقول القائل: اخسئوا فيها، ومنها تكوين، وليس هذا القسم الا للباري تعالى وحده في أمره ما يريد ان يكون بالكون، وما يريد ان يعدم بالتلف. ومنه أمر بمعنى الهي كقول القائل لمن تقدم نهيه إياه عن شيء: افعله وسترى ما يكون أو وادري انك رجل. وما اشبه ذلك؛ ومنه أمر بمعنى التعجب كقوله: أحسن بزيد أي ما أحسنه.
ثم تنقسم الأسماء أيضا أقساما أربعة إما حاملة ناعتة، وإما حاملة منعوتة، وإما محمولة منعوتة، وإما محمولة ناعتة. ومعنى قولك: ناعتة، أي أنها تقال على جماعة أشخاص تحتها فتسمى تلك الاشخاص كلها بذلك الاسم، ومعنى قولنا: منعوتة، أي تسمى باسم واحد وهي جماعة، ومعنى قولنا: حاملة أي أنها تقوم بأنفسها وتحمل غيرها، ومعنى قولنا: محمولة: أي لا تقوم بأنفسها.
والحمل المذكور حملان: حمل جوهري وحمل عرضي، فالجوهري يكون أعم ويكون مساويا، ولا يكون أخص أصلا، والعرضي [١٨و] يكون أعم ومساويا وأخص، فالحمل الجوهري الاعم مثل قولك: الإنسان حي، فان الحياة محمولة في الإنسان حملا جوهريا، إذ لولا لم يكن إنسانا، والحياة أيضا في غير الإنسان موجودة. فلذلك قلنا إن هذا الحمل أعم؛ والحمل الجوهري المساوي مثل كون الحياة في الحي فانها مساوية للحي، لا تكون حياة في غير حي، ولا يكون حي في العالم بلا حياة؟ وتسميتنا الخالق تعالى حيا ليس على
_________
(١) التهكم: القسم
1 / 40