وكذلك قولك مستفهما: أقام؟ أي هل قام هو. وأما إذا خرجت الرغبة على غير وجهها، فان الكذب قد يدخل فيها، كمن قال وهو صحيح: اللهم أصحني، وإنما الحق أن يقول: اللهم أدم صحتي. وكذلك الاستفهام، إذا استفهم عن باطل، كسائل سأل: لم اشتد الحر في الشتاء؟
وأما الخبر ففيه يدخل الصدق والكذب، وفيه تقع الضرورة والاقناع، وفي فاسد البنية منه يقع الشغب، ومن صحيحه يقوم البرهان على كل قضية في العالم، وإياه قصد الأوائل والمتأخرون بالقول، وتحته تدخل جميع الشرائع، وكل موات من الطبيعات وغيرها اتفق الناس عليه أو اختلفوا فيه.
وهو يصح بوجوه: أحدها أن يكون معلوما صحته بأول العقل أو بالحواس ومنها ما يصح ببرهان، يقوم على صحته من مقدمات تنتج نتائج على ما يقع في هذا الديوان إن شاء الله ﷿، ومنها ما ينقله صادق قد قام على صدقه برهان مما قدمنا، أو نقله مصدقون بضرورة، على ما قد وقع في غير هذا القول؛ وقد ظن قوم أن القسم والشرط والتعجب والشك، وجوه زائدة على ما ذكرنا، وذلك ظن فاسد [١٧ ظ] لأنها كلها واقعة تحت قسم الخبر وراجعة إليه.
أما القسم فانه إخبار بارادتك إذا قلت: " والله " فان قولك ذلك إنما هو أحلف معظما لأمر الله تعالى.
وأما الشرط فانه خبر واضح لا خفاء به؛ والشك كذلك؛ والتعجب إخبار بالحال التي تعجبت منها.
وقد ظن قوم أن من الخبر ما لا يدخله صدق ولا كذب، وهو إخبار الهاذي بأمر متيقن صحته، لم يقصده، كقوله: لا إله إلا الله، مات فلان فهذان خبران صحيحان.
قال أبو محمد: وهذا الظن غير صحيح لأنه لا يكون مخبرا إلا من قصد الخبر، والخبر مع الخبر من باب الاضافة، فلا خبر إلا المخبر، والهاذي ليس مخبرا بكلامه، فكلامه ليس خبرا.
1 / 39