وليتنبه هنا لفائدة (¬1)، وهي: أن الكعبة بناها إبراهيم عليه الصلاة والسلام، ولم تكن تكسى من زمانه إلى زمان تبع اليماني، فهو أول من كساها على الصحيح، وقيل: إن إسماعيل - عليه السلام - كساها، ففي تلك المدد لا نقول إن كسوتها كانت واجبة، لأنها لو كانت واجبة لما تركها الأنبياء عليهم السلام، ولكن لما كساها تبع، وكان من الأفعال الحسنة، واستمر ذلك كان شعارا لها، وصار حقا لها وقربة وواجبا، لئلا يكون في إزالته تنقيص من حرمتها فتقاس (¬2) عليه إزالة ما فيها - والعياذ بالله - من صفائح الذهب والرخام، ونحوه، ونقول: إنه يحرم إزالته، ولا يمتنع أن يكون ابتداء الشيء غير واجب، واستدامته واجبة، ومرادي وجوب سترها دائما، لا بقاء كل سترة دائما.
[9/ب]
وتفصيل القول في / ذلك: أن السترة التي تكساها من بيت المال تصير مستحقة لها بكسوتها، ولا يجوز نزعها للإمام ولا لغيره، حتى تأتي كسوة أخرى.
فتلك الكسوة القديمة ما يكون حكمها؟ قال ابن عبدان من أصحابنا: لا يجوز بيعها ولا شراؤها ولا نقلها، ولا وضع شيء منها بين أوراق المصحف، ومن حمل من ذلك شيئا لزمه رده، خلاف ما يتوهمه العامة ويشترونه من بني شيبة.
وحكى الرافعي ذلك، ولم يعترض عليه، وقال ابن القاص من أصحابنا: لا يجوز بيع كسوة الكعبة.
وقال الحليمي: لا ينبغي أن يؤخذ من كسوة الكعبة شيء.
وقال ابن الصلاح: الأمر فيها للإمام يصرفها في بعض مصارف بيت المال بيعا وعطاء، واحتج بما روى الأزرقي أن عمر كان ينزع كسوة البيت كل سنة، فيوزعها على الحاج، قاله النووي. وهذا حسن.
[وعن] (¬3) ابن عباس وعائشة قالا: تباع كسوتها، ويجعل ثمنها في سبيل الله والمساكين وابن السبيل.
صفحہ 28