قيل له قبل ذلك {إلا من سبق عليه القول} وأقوال ابنه وأحواله تدل على أنه ممن سبق عليه القول وكذلك قوله تعالى له {ولا تخاطبني في الذين ظلموا إنهم مغرقون} وهو من الذين ظلموا
فالجواب أن نوحا عليه السلام حين ركب السفينة وأدخل فيه المؤمنين وأهله كما أمر رأى ولده في جهة من خارج السفينة وبمقربة منها حيث يسمع النداء ولم ير امرأته فيئس من سلامتها وظن أنها هي المستثناة وحدها وأنها هي التي سبق عليها القول من الله تعالى بختم الكفر والعذاب فقط وطمع في إيمان ولده الذي كان عهد منه قبل ذلك وكان ولده يظهر له الإيمان ويبطن الكفر والأنبياء عليهم السلام إنما عنوا بالظواهر والله يتولى السرائر فلما لم ير امرأته يئس من سلامتها ولما رأى ولده بمقربة من السفينة حيث يسمع النداء طمع في سلامته وحسن الظن أنه مؤمن فقال {يا بني اركب معنا} يعني في السفينة {ولا تكن مع الكافرين} أي لا تبق في الأرض فتهلك مع الكفرة (و) في قوله له {ولا تكن مع الكافرين} دليل على أنه كان يعتقد إيمانه فلما قال له {سآوي إلى جبل يعصمني من الماء} حسن أيضا به الظن بأنه كان يعتقد أن ما أخبر به أبوه من هلاك الكفرة صحيح وأن المؤمن يسلم بإيمانه فظن هو أنه يسلم في السفينة وغيرها فقال له أبوه {لا عاصم اليوم من أمر الله} يعني من مراد الله هلاك الكفرة {إلا من رحم} يعني من رحمه الله فسلم بإيمانه ولم يقل إلا من ركب السفينة فاحتمل القول جواز سلامة المؤمن في السفينة وغيرها فلم يقع من الولد تكذيب ظاهر لأبيه في هذه
صفحہ 79