تنوير المقباس من تفسير ابن عباس
تنوير المقباس من تفسير ابن عباس
ناشر
دار الكتب العلمية
پبلشر کا مقام
لبنان
﴿والشهدآء﴾ الَّذين اسْتشْهدُوا فِي سَبِيل الله ﴿وَالصَّالِحِينَ﴾ صالحي أمة مُحَمَّد ﷺ ﴿وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا﴾ مرافقة فِي الْجنَّة
﴿ذَلِك﴾ المرافقة مَعَ النَّبِيين وَالصديقين وَالشُّهَدَاء وَالصَّالِحِينَ ﴿الْفضل مِنَ الله﴾ الْمَنّ من الله ﴿وَكفى بِاللَّه عَلِيمًا﴾ بحب ثَوْبَان وكرامته فِي الْجنَّة وثوابه
ثمَّ علم خُرُوجهمْ فِي سَبِيل الله فَقَالَ ﴿يَا أَيُّهَا الَّذين آمَنُواْ﴾ بِمُحَمد وَالْقُرْآن ﴿خُذُواْ حِذْرَكُمْ﴾ من عَدوكُمْ وَلَا تخْرجُوا مُتَفَرّقين ﴿فانفروا﴾ وَلَكِن اخْرُجُوا ﴿ثبات﴾ جماعات سَرِيَّة سَرِيَّة ﴿أَوِ انفروا جَمِيعًا﴾ أَو اخْرُجُوا كلكُمْ مَعَ نَبِيكُم
﴿وَإِنَّ مِنْكُمْ﴾ يَا معشر الْمُؤمنِينَ ﴿لَمَن لَّيُبَطِّئَنَّ﴾ يَقُول ليتثاقلن عَن الْخُرُوج فِي سَبِيل الله عبد الله بن أبي وينتظر مَا يُصِيبكُم فِي السّريَّة ﴿فَإِنْ أَصَابَتْكُمْ﴾ فِي السّريَّة ﴿مُّصِيبَةٌ﴾ الْقَتْل والهزيمة والشدة ﴿قَالَ﴾ عبد الله بن أبي ﴿قَدْ أَنْعَمَ الله﴾ من الله ﴿عَلَيَّ﴾ بِالْجُلُوسِ ﴿إِذْ لَمْ أَكُنْ مَّعَهُمْ﴾ فِي تِلْكَ السّريَّة ﴿شَهِيدًا﴾ حَاضرا
﴿وَلَئِنْ أَصَابَكُمْ﴾ فِي تِلْكَ السّريَّة ﴿فَضْلٌ﴾ فتح وغنيمة ﴿من الله ليَقُولن﴾ عبد الله ابْن أبي ﴿كَأَن لَّمْ تَكُنْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُ مَوَدَّةٌ﴾ صلَة فِي الدّين وَمَعْرِفَة فِي الصُّحْبَة مقدم ومؤخر ﴿يَا لَيْتَني كُنتُ﴾ فِي الْغُزَاة ﴿مَعَهُمْ فَأَفُوزَ فَوْزًا عَظِيمًا﴾ فأصيب غَنَائِم كَثِيرَة وحظا وافر
ثمَّ أَمرهم بِالْقِتَالِ فِي سَبِيل الله وَإِن كَانُوا منافقين فَقَالَ ﴿فَلْيُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ الله﴾ فِي طَاعَة الله ﴿الَّذين يشرون الْحَيَاة الدُّنْيَا بِالآخِرَة﴾ يختارون الدُّنْيَا على الْآخِرَة وَيُقَال نزلت هَذِه الْآيَة فِي المخلصين فليقاتل فِي سَبِيل الله فِي طَاعَة الله الَّذين يشرون الْحَيَاة الدُّنْيَا بِالآخِرَة يبيعون الدُّنْيَا بِالآخِرَة ويختارون الْآخِرَة على الدُّنْيَا ثمَّ ذكر ثوابهم فَقَالَ ﴿وَمَن يُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ الله﴾ فِي طَاعَة الله ﴿فَيُقْتَلْ﴾ يستشهد ﴿أَو يَغْلِبْ﴾ يظفر على الْعَدو ﴿فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ﴾ نُعْطِيه فِي كلا الْوَجْهَيْنِ ﴿أَجْرًا عَظِيمًا﴾ ثَوابًا وافرًا فِي الْجنَّة
ثمَّ ذكر كراهيتهم الْقِتَال فِي سَبِيل الله فَقَالَ ﴿وَمَا لَكُمْ﴾ يَا معشر الْمُؤمنِينَ ﴿لاَ تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيل الله﴾ فِي طَاعَة الله مَعَ أهل مَكَّة ﴿وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَال والنسآء والولدان﴾ الصّبيان ﴿الَّذين يَقُولُونَ﴾ بِمَكَّة ﴿رَبَّنَآ﴾ يَا رَبنَا ﴿أَخْرِجْنَا مِنْ هَذِه الْقرْيَة﴾ يَعْنِي مَكَّة ﴿الظَّالِم أَهْلُهَا﴾ الْمُشرك أَهلهَا ﴿وَاجعَل لَّنَا مِن لَّدُنْكَ﴾ من عنْدك ﴿وَلِيًّا﴾ حَافِظًا يعنون عتاب بن أسيد ﴿وَاجعَل لَّنَا مِن لَّدُنْكَ﴾ من عنْدك ﴿نَصِيرًا﴾ مَانِعا فَاسْتَجَاب الله دعاءهم وَجعل لَهُم النَّبِي ﷺ ناصرًا وعتابًا وليا
ثمَّ ذكر قِتَالهمْ فِي سَبِيل الله فَقَالَ ﴿الَّذين آمَنُواْ﴾ مُحَمَّد وَأَصْحَابه ﴿يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الله وَالَّذين كَفَرُواْ﴾ أَبُو سُفْيَان وَأَصْحَابه ﴿يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطاغوت﴾ فِي طَاعَة الشَّيْطَان ﴿فَقَاتلُوا أَوْلِيَاءَ الشَّيْطَان﴾ جند الشَّيْطَان ﴿إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَان﴾ صنع الشَّيْطَان ومكره ﴿كَانَ ضَعِيفًا﴾ بالخذلان لَا يخذلهم كَمَا خذلهم يَوْم بدر
ثمَّ ذكر كراهيتهم لِلْخُرُوجِ مَعَ النَّبِي ﷺ بالموافاة إِلَى بدر الصُّغْرَى فَقَالَ ﴿أَلَمْ تَرَ﴾ ألم تخبر يَا مُحَمَّد ﴿إِلَى الَّذين﴾ عَن الَّذين ﴿قِيلَ لَهُمْ﴾ قلت لَهُم بِمَكَّة لعبد الرَّحْمَن بن عَوْف الزُّهْرِيّ وَسعد بن أبي وَقاص الزُّهْرِيّ وَقُدَامَة بن مَظْعُون الجُمَحِي ومقداد بن الْأسود الْكِنْدِيّ وَطَلْحَة بن عبد الله التَّيْمِيّ ﴿كفوا أَيْدِيَكُمْ﴾ عَن الْقَتْل وَالضَّرْب فَإِنِّي لم أومر بِالْقِتَالِ ﴿وَأَقِيمُواْ الصَّلَاة﴾ أَتموا الصَّلَوَات الْخمس بوضوئها وركوعها وسجودها وَمَا يجب فِيهَا من مواقيتها ﴿وَآتُواْ الزَّكَاة﴾ أعْطوا زَكَاة أَمْوَالكُم ﴿فَلَمَّا كُتِبَ﴾ فرض ﴿عَلَيْهِمُ﴾ بِالْمَدِينَةِ ﴿الْقِتَال﴾ الْجِهَاد فِي سَبِيل الله ﴿إِذَا فَرِيقٌ مِّنْهُمْ﴾ طَائِفَة مِنْهُم طَلْحَة بن عبد الله ﴿يَخْشَوْنَ النَّاس﴾ يخَافُونَ أهل مَكَّة ﴿كَخَشْيَةِ الله﴾ كخوفهم من الله ﴿أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً﴾ بل أَكثر خوفًا
1 / 74