تنوير المقباس من تفسير ابن عباس
تنوير المقباس من تفسير ابن عباس
ناشر
دار الكتب العلمية
پبلشر کا مقام
لبنان
﴿ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ﴾ من غير خرس ﴿إِلاَّ رَمْزًا﴾ إِلَّا تحريكًا بالشفتين والحاجبين والعينين وَالْيَدَيْنِ وَيُقَال إِلَّا كِتَابَة على الأَرْض ﴿وَاذْكُر رَّبَّكَ﴾ بِاللِّسَانِ وَالْقلب ﴿كَثِيرًا﴾ على كل حَال ﴿وَسَبِّحْ بالْعَشي وَالْإِبْكَار﴾ صلى غدْوَة وعشيًا كَمَا كنت تصلي
﴿وَإِذ قَالَت الْمَلَائِكَة﴾ يَعْنِي جِبْرِيل ﴿يَا مَرْيَم إِنَّ الله اصطفاك﴾ يُقَال اختارك بِالْإِسْلَامِ وَالْعِبَادَة ﴿وَطَهَّرَكِ﴾ من الْكفْر والشرك والأدناس وَيُقَال أنجاك من الْقَتْل ﴿واصطفاك﴾ اختارك ﴿على نِسَآءِ الْعَالمين﴾ عالمي زَمَانك بِوِلَادَة عِيسَى
﴿يَا مَرْيَم اقنتي لِرَبِّكِ﴾ أطيعي لِرَبِّك شكرا لذَلِك وَيُقَال أطيلي الْقيام فِي الصَّلَاة شكرا لِرَبِّك ﴿واسجدي واركعي﴾ مَعْنَاهُ واركعي واسجدي بامركوع وَالسُّجُود ﴿مَعَ الراكعين﴾ مَعَ أهل الصَّلَاة
﴿ذَلِك﴾ هَذَا الَّذِي ذكرت من خبر مَرْيَم وزَكَرِيا ﴿مِنْ أَنَبَآءِ الْغَيْب﴾ من أَخْبَار الْغَائِب عَنْك يَا مُحَمَّد ﴿نُوحِيهِ إِلَيكَ﴾ يَقُول نرسل جِبْرِيل بِهِ إِلَيْك ﴿وَمَا كُنتَ لَدَيْهِمْ﴾ يَعْنِي عِنْد الْأَحْبَار ﴿إِذْ يُلْقُون أَقْلاَمَهُمْ﴾ فِي جري المَاء ﴿أَيُّهُمْ يَكْفُلُ﴾ يَأْخُذ ﴿مَرْيَمَ﴾ للتربية ﴿وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ﴾ عِنْدهم ﴿إِذْ يَخْتَصِمُونَ﴾ يَتَكَلَّمُونَ بِالْحجَّةِ لتربية مَرْيَم
﴿إِذْ قَالَت الْمَلَائِكَة﴾ يَعْنِي جِبْرِيل ﴿يَا مَرْيَم إِنَّ الله يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِّنْهُ﴾ بِولد يكون بِكَلِمَة من الله مخلوقًا ﴿اسْمه الْمَسِيح﴾ يُسمى الْمَسِيح لِأَنَّهُ يسيح فِي الْبلدَانِ وَيُقَال الْمَسِيح الْملك ﴿عِيسَى ابْن مَرْيَمَ وَجِيهًا فِي الدُّنْيَا﴾ لَهُ الْقدر والمنزلة فِي الدُّنْيَا عِنْد النَّاس ﴿وَالْآخِرَة﴾ وَفِي الْآخِرَة عِنْد الله لَهُ الْقدر والمنزلة ﴿وَمِنَ المقربين﴾ إِلَى الله فِي جنَّة عدن
﴿وَيُكَلِّمُ النَّاس فِي المهد﴾ فِي الْحجر ابْن أَرْبَعِينَ يَوْمًا إِنِّي عبد الله ومسيحه ﴿وَكَهْلًا﴾ بعد ثَلَاثِينَ سنة بِالنُّبُوَّةِ ﴿وَمِنَ الصَّالِحين﴾ من الْمُرْسلين
﴿قَالَتْ رَبِّ﴾ قَالَت مَرْيَم لجبريل يَا سَيِّدي ﴿أَنى يَكُونُ لِي وَلَدٌ﴾ من أَيْن يكون لي غُلَام ولد ﴿وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ﴾ بالحلال وَلَا بالحرام ﴿قَالَ﴾ جِبْرِيل ﴿كَذَلِكَ﴾ كَمَا قلت لَك ﴿الله يَخْلُقُ مَا يَشَآءُ﴾ كَمَا يَشَاء ﴿إِذَا قضى أَمْرًا﴾ إِذا أَرَادَ أَن يخلق ولدا مِنْك بِلَا أَب ﴿فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ﴾ ولدا بِلَا أَب
﴿وَيُعَلِّمُهُ الْكتاب﴾ كتب الْأَنْبِيَاء وَيُقَال الْكِتَابَة ﴿وَالْحكمَة﴾ الْحَلَال وَالْحرَام وَيُقَال حِكْمَة الْأَنْبِيَاء قبله ﴿والتوراة﴾ فِي بطن أمه ﴿وَالْإِنْجِيل﴾ بعد خُرُوجه من بطن أمه
﴿وَرَسُولًا﴾ بعد ثَلَاثِينَ سنة ﴿إِلَى بني إِسْرَائِيلَ﴾ فَلَمَّا جَاءَهُم قَالَ ﴿أَنِّي قَدْ جِئْتُكُمْ بِآيَةٍ﴾ بعلامة ﴿مِّن رَّبِّكُمْ﴾ لنبوتي قَالُوا وَمَا الْعَلامَة قَالَ ﴿أَنِّي أَخْلُقُ﴾ إِنِّي أصور ﴿لَكُمْ مِّنَ الطين كَهَيْئَةِ الطير﴾ كشبه الطير ﴿فَأَنفُخُ فِيهِ﴾ كنفخ النَّائِم ﴿فَيَكُونُ طَيْرًا﴾ فَيصير طيرًا يطير بَين السَّمَاء وَالْأَرْض ﴿بِإِذْنِ الله﴾ بِأَمْر الله فصور لَهُم خفاشًا فَقَالُوا هَذَا سحر فَهَل عنْدك غَيره قَالَ نعم ﴿وأبرئ﴾ أصحح ﴿الأكمه﴾ الَّذِي لم يزل أعمى ﴿والأبرص﴾ أَيْضا ﴿وأحيي الْمَوْتَى بِإِذْنِ الله﴾ باسم الله الْأَعْظَم يَا حَيّ يَا قيوم فَلَمَّا فعل ذَلِك قَالُوا هَذَا سحر فَهَل عنْدك غَيره قَالَ نعم ﴿وَأُنَبِّئُكُمْ﴾ أخْبركُم ﴿بِمَا تَأْكُلُونَ﴾ غدْوَة وَعَشِيَّة ﴿وَمَا تَدَّخِرُونَ﴾ ترفعون من غداء لعشاء وَمن عشَاء لغداء ﴿فِي بُيُوتِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِك﴾ فِيمَا قلت لكم ﴿لآيَةً﴾ لعلامة ﴿لَّكُمْ﴾ لنبوتي ﴿إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ﴾ مُصدقين
﴿وَمُصَدِّقًا﴾ وجئتكم مُوَافقا بِالتَّوْحِيدِ بِالدينِ ﴿لِّمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاة﴾ قبلي من التَّوْرَاة وَسَائِر الْكتب ﴿وَلأُحِلَّ لَكُم﴾ أرخص وَأبين لكم ﴿بَعْضَ الَّذِي﴾ تَحْلِيل بعض الَّذِي ﴿حُرِّمَ عَلَيْكُمْ﴾ مثل لحم الْإِبِل وشحوم الْبَقر وَالْغنم والسبت وَغير ذَلِك
1 / 47