433

تنوير المقباس من تفسير ابن عباس

تنوير المقباس من تفسير ابن عباس

ناشر

دار الكتب العلمية

پبلشر کا مقام

لبنان

وَمن السُّورَة الَّتِى يذكر فِيهَا الحجرات وهى كلهَا مَدَنِيَّة آياتها ثَمَان عشرَة آيَة وكلماتها ثلثمِائة وَثَلَاث وَأَرْبَعُونَ وحروفها ألف وَأَرْبَعمِائَة وَسِتَّة وَسَبْعُونَ
﴿بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم﴾
وبإسناده عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله تَعَالَى ﴿يَا أَيهَا الَّذين آمَنُواْ لاَ تُقَدِّمُواْ بَيْنَ يَدَيِ الله﴾ لَا تتقدموا بقول وَلَا بِفعل حَتَّى إِن رَسُول الله ﷺ هُوَ الَّذِي يَأْمُركُمْ وينهاكم وَيُقَال لَا بقتل وَلَا بذبيحة يَوْم النَّحْر بَين يَدي الله ﴿وَرَسُولِهِ﴾ دون أَمر الله وَأمر رَسُوله وَيُقَال لَا تخالفوا الله وَلَا تخالفوا الرَّسُول وَيُقَال لَا تخالفوا كتاب الله وَلَا تخالفوا سنة رَسُول الله ﴿وَاتَّقوا الله﴾ اخشوا الله فِي أَن تَفعلُوا وَتَقولُوا دون أَمر الله وَأمر رَسُوله وَأَن تخالفوا كتاب الله وَسنة رَسُوله ﴿إِنَّ الله سَمِيعٌ﴾ لمقالتكم (عَلِيمٌ) بأعمالكم نزلت هَذِه الْآيَة فِي ثَلَاثَة نفر من أَصْحَاب النبى ﷺ قتلوا رجلَيْنِ من بني سليم فِي صلح رَسُول الله بِغَيْر أَمر الله وَأمر رَسُوله فنهاهم الله ﷿ وَقَالَ لَا تقدمُوا بَين يَدي الله دون أَمر الله وَأمر رَسُوله إِن الله سميع لمقالة الرجلَيْن عليم بِمَا اقترفا وَكَانَ قَوْلهم لَو كَانَ هَكَذَا لَكَانَ كَذَا فنهاهم الله عَن ذَلِك
﴿يَا أَيهَا الَّذين آمَنُواْ﴾ نزلت فِي ثَابت بن قيس بن شماس يرفع صَوته عِنْد رَسُول الله ﷺ حِين قدم وَفد بني تَمِيم فَنَهَاهُ الله عَن ذَلِك فَقَالَ يأيها الَّذين آمنُوا بِمُحَمد ﷺ وَالْقُرْآن يَعْنِي ثَابتا ﴿لاَ تَرفعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوت النَّبِي﴾ ﷺ لَا تشدوا كلامكم عِنْد كَلَام النَّبِي ﷺ ﴿وَلاَ تَجْهَرُواْ لَهُ بالْقَوْل﴾ لَا تَدعُوهُ باسمه ﴿كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ﴾ كدعاء بَعْضكُم لبَعض باسمه وَلَكِن عظموه ووقروه وشرفوه وَقُولُوا لَهُ يَا نَبِي الله وَيَا رَسُول الله وَيَا أَبَا الْقَاسِم ﴿أَن تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنتُمْ لاَ تَشْعُرُونَ﴾ لكيلا تبطل حسناتكم بترككم الْأَدَب وَحُرْمَة النَّبِي ﷺ وَأَنْتُم لَا تشعرون لَا تعلمُونَ بحبطها
﴿إِنَّ الَّذين يَغُضُّونَ أَصْوَاتَهُمْ﴾ نزلت أَيْضا فِي ثَابت بن قيس بن شماس بعد مَا نَهَاهُ الله عَن رفع الصَّوْت ﴿عِندَ رَسُولِ الله﴾ ﷺ فمدحه بعد ذَلِك بخفض صَوته عِنْد النَّبِي ﷺ فَقَالَ إِن الَّذين يَغُضُّونَ يكفون ويخفضون أَصْوَاتهم عِنْد رَسُول الله ﴿أُولَئِكَ الَّذين امتحن الله قُلُوبَهُمْ﴾ صفى الله وطهر الله قُلُوبهم ﴿للتقوى﴾ من الْمعْصِيَة وَيُقَال أخْلص الله قُلُوبهم للتوحيد ﴿لَهُم مَّغْفِرَةٌ﴾ لذنوبهم فِي الدُّنْيَا ﴿وَأَجْرٌ عَظِيمٌ﴾ ثَوَاب وافر فِي الْجنَّة
﴿إَنَّ الَّذين يُنَادُونَكَ مِن وَرَآءِ الحجرات﴾ نزلت هَذِه الْآيَة فِي قوم من بني عنبر حى من خُزَاعَة بعث النبى ﷺ إِلَيْهِم سَرِيَّة وَأمر عَلَيْهِم عُيَيْنَة بن حصن الْفَزارِيّ فَسَار إِلَيْهِم فَلَمَّا بَلغهُمْ أَنه خرج إِلَيْهِم فروا وَتركُوا عِيَالهمْ وَأَمْوَالهمْ فسبى دراريهم وَجَاء بهم إِلَى النبى ﷺ فَجَاءُوا ليفادوا ذَرَارِيهمْ فَدَخَلُوا الْمَدِينَة عِنْد القيلولة فَنَادوا النبى ﷺ يَا مُحَمَّد اخْرُج إِلَيْنَا وَكَانَ نَائِما فذمهم الله بذلك فَقَالَ إِن الَّذين يُنَادُونَك يدعونك من وَرَاء الحجرات من خلف حجرات نسَاء النبى ﷺ ﴿أَكْثَرُهُمْ﴾ كلهم ﴿لاَ يَعْقِلُونَ﴾ لَا يفهمون أَمر الله وتوحيده وَلَا حُرْمَة رَسُول الله
﴿وَلَوْ أَنَّهُمْ﴾ بني عنبر

1 / 435