تنوير المقباس من تفسير ابن عباس
تنوير المقباس من تفسير ابن عباس
ناشر
دار الكتب العلمية
پبلشر کا مقام
لبنان
﴿أَيْنَمَا يوجهه﴾ ويدعوه من شَرق أَو عرب ﴿لاَ يَأْتِ بِخَيْرٍ﴾ لَا يُجيب من يَدعُوهُ بِخَير وَهَذَا مثل الصَّنَم ﴿هَلْ يَسْتَوِي﴾ فِي النَّفْع وَدفع الضّر ﴿هُوَ﴾ يَعْنِي الصَّنَم ﴿وَمَن يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ﴾ بِالتَّوْحِيدِ ﴿وَهُوَ على صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ﴾ يَدْعُو إِلَى طَرِيق مُسْتَقِيم وَهُوَ الله
﴿وَللَّه غيب السَّمَاوَات وَالْأَرْض﴾ مَا غَابَ عَن الْعباد ﴿وَمَآ أَمْرُ السَّاعَة﴾ أَمر قيام السَّاعَة فِي السرعة ﴿إِلاَّ كَلَمْحِ الْبَصَر﴾ كطرف الْبَصَر ﴿أَوْ هُوَ أَقْرَبُ﴾ بل هُوَ أقرب ﴿إِنَّ الله على كُلِّ شَيْءٍ﴾ من الْبَعْث وَغَيره ﴿قدير﴾
﴿وَالله أَخْرَجَكُم مِّن بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لاَ تَعْلَمُونَ شَيْئًا﴾ من الْأَشْيَاء وَيُقَال كل شَيْء ﴿وَجَعَلَ لَكُمُ السّمع﴾ تَسْمَعُونَ بهَا الْخَيْر ﴿والأبصار﴾ تبصرون بهَا الْخَيْر ﴿والأفئدة﴾ يَعْنِي الْقُلُوب تعقلون بهَا الْخَيْر ﴿لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ﴾ لكَي تشكروا نعْمَته وتؤمنوا بِهِ
﴿أَلَمْ يَرَوْاْ﴾ ألم تنظروا يَا أهل مَكَّة حَتَّى تعلمُوا قدرَة الله ووحدانيته ﴿إِلَى الطير مُسَخَّرَاتٍ﴾ مذللات ﴿فِي جَوِّ السمآء﴾ فِي وسط السَّمَاء أَي بَين السَّمَاء وَالْأَرْض يطرن ﴿مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلاَّ الله﴾ بعد الطيران ﴿إِنَّ فِي ذَلِك﴾ فِي إمساكهن من الْهَوَاء ﴿لآيَاتٍ﴾ لعلامات لوحدانية الله ﴿لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ﴾ يصدقون أَن إمساكهن من الله
ثمَّ ذكر نعْمَته لكَي يشكروا بذلك ويؤمنوا بِهِ فَقَالَ ﴿وَالله جَعَلَ لَكُمْ مِّن بُيُوتِكُمْ﴾ بيُوت الْمدر ﴿سَكَنًا﴾ مسكنا وقرارًا ﴿وَجَعَلَ لَكُمْ مِّن جُلُودِ الْأَنْعَام﴾ من أصوافها وأوبارها وَأَشْعَارهَا ﴿بُيُوتًا﴾ يَعْنِي الْخيام والفساطيط ﴿تَسْتَخِفُّونَهَا﴾ تستخفون حملهَا ﴿يَوْمَ ظَعْنِكُمْ﴾ يَوْم سفركم ﴿وَيَوْمَ إِقَامَتِكُمْ﴾ يَوْم نزولكم ﴿وَمِنْ أَصْوَافِهَا﴾ أصواف الْغنم ﴿وَأَوْبَارِهَا﴾ أوبار الْإِبِل ﴿وَأَشْعَارِهَآ﴾ أشعار الْمعز ﴿أَثَاثًا﴾ مَالا ﴿وَمَتَاعًا﴾ مَنْفَعَة ﴿إِلَى حِينٍ﴾ إِلَى حِين الفناء والإبلاء
﴿وَالله جَعَلَ لَكُمْ مِّمَّا خَلَقَ﴾ من الْأَشْجَار والحيطان وَالْجِبَال أكنانا ﴿ظِلاَلًا﴾ كُنَّا لكم من الْحر ﴿وَجَعَلَ لَكُمْ مِّنَ الْجبَال﴾ فِي الْجبَال ﴿أَكْنَانًا﴾ يَعْنِي الغيران والأسراب ﴿وَجَعَلَ لَكُمْ سَرَابِيلَ﴾ يَعْنِي القمص ﴿تَقِيكُمُ الْحر﴾ فِي الصَّيف وَالْبرد فِي الشتَاء ﴿وَسَرَابِيلَ﴾ يَعْنِي الدروع ﴿تَقِيكُم بَأْسَكُمْ﴾ سلَاح عَدوكُمْ ﴿كَذَلِكَ﴾ هَكَذَا ﴿يُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْلِمُونَ﴾ لكَي تقروا وَيُقَال تسلموا من الْجراحَة إِن قَرَأت بِنصب التَّاء وَاللَّام
﴿فَإِن تَوَلَّوْاْ﴾ عَن الْإِيمَان ﴿فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلَاغ الْمُبين﴾ التَّبْلِيغ عَن الله بلغَة تعلمونها فَلَمَّا ذكر لَهُم النَّبِي ﷺ هَذِه النعم قَالُوا نعم يَا مُحَمَّد هَذِه كلهَا من الله
ثمَّ أَنْكَرُوا بعد ذَلِك وَقَالُوا بشفاعة آلِهَتنَا فَقَالَ الله ﴿يَعْرِفُونَ نِعْمَةَ الله﴾ يقرونَ أَن هَذِه النعم كلهَا من الله ﴿ثُمَّ يُنكِرُونَهَا﴾ فَيَقُولُونَ بشفاعة آلِهَتنَا ﴿وَأَكْثَرُهُمُ الْكَافِرُونَ﴾ كلهم كافرون بِاللَّه
﴿وَيَوْمَ نَبْعَثُ مِن كُلِّ أُمَّةٍ﴾ نخرج من كل قوم ﴿شَهِيدًا﴾ نَبيا عَلَيْهِم شَهِيدا بالبلاغ ﴿ثُمَّ لاَ يُؤْذَنُ لِلَّذِينَ كَفَرُواْ﴾ فِي الْكَلَام ﴿وَلاَ هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ﴾ يرجعُونَ إِلَى الدُّنْيَا
﴿وَإِذا رأى الَّذين ظلمُوا﴾ كفرا ﴿الْعَذَاب فَلاَ يُخَفَّفُ عَنْهُمْ﴾
1 / 228