تمہید لتاریخ الفلسفہ الاسلامیہ
تمهيد لتاريخ الفلسفة الإسلامية
اصناف
فعاد بالخيبة والخسران
يقرع سن نادم حيران
قد ضاع منه العمر في الأماني
وعاين الخفة في الميزان
وما كان من هوى النفوس بهذه المنزلة فهو بأن يكون جهلا أولى منه بأن يكون علما، تعلمه فرض كفاية أو فرض عين، وهذا الشافعي وأحمد وسائر أئمة الإسلام وتصانيفهم، وسائر أئمة العربية وتصانيفهم، وأئمة التفسير وتصانيفهم، لمن نظر فيها، هل راعوا فيها حدود المنطق وأوضاعه؟ وهل صح لهم علمهم بدونه أم لا؟ بل هم كانوا أجل قدرا وأعظم عقولا من أن يشغلوا أفكارهم بهذيان المنطقيين، وما دخل المنطق على علم إلا أفسده وغير أوضاعه وشوش قواعده.»
32
هذا وقد بدأنا حديثنا في الصلة بين الدين والفلسفة عند الإسلاميين بذكر آراء الفلاسفة في الغرض من الدين والغرض من الفلسفة، فيحسن أن نختم هذا البحث ببيان آراء الدينيين في الغرض من الدين استكمالا لجميع جوانب الموضوع، وابن قيم الجوزية يبسط الآراء المختلفة في بيان المقصود من الشرائع عند المسلمين من فلاسفة وغيرهم، مع رد ما لا يرضاه واختيار ما يرتضيه، وذلك في كتاب «مفتاح دار السعادة» فيقول: «فصل، وأما ما ذكره الفلاسفة من مقصود الشرائع، وأن ذلك لاستكمال النفس قوى العلم والعمل، والشرائع ترد بتمهيد ما تقرر في العقل بتعبيره ... إلخ، فهذا مقام يجب الاعتناء بشأنه، وألا نضرب عنه صفحا، فنقول: للناس في المقصود بالشرائع والأوامر والنواهي أربعة طرق:
أحدها:
طريق من يقول من فلاسفة وأتباعهم من المنتسبين إلى الملل: إن المقصود بها تهذيب أخلاق النفوس وتعديلها لتستعد بذلك لقبول الحكمة العلمية والعملية، ومنهم من يقول لتستعد بذلك لأن تكون محلا لانتقاش صور المعقولات فيها؛ ففائدة ذلك عندهم كالفائدة الحاصلة من صقل المرآة لتستعد لظهور الصور فيها، وهؤلاء يجعلون الشرائع من جنس الأخلاق الفاضلة والسياسات العادلة؛ ولهذا رام فلاسفة الإسلام الجمع بين الشريعة والفلسفة، كما فعل ابن سينا والفارابي وأضرابهما، وآل بهم إلى أن تكلموا في خوارق العادات والمعجزات على طريق الفلاسفة المشائين، وجعلوا لها أسبابا ثلاثة؛ أحدها: القوى الفلكية، والثاني: القوى النفسية، والثالث: القوى الطبيعية، وجعلوا جنس الخوارق جنسا واحدا، وأدخلوا ما للسحرة وأرباب الرياضة والكهنة وغيرهم مع ما للأنبياء والرسل في ذلك، وجعلوا سبب ذلك كله واحدا وإن اختلفت بالغايات، والنبي قصده الخير، والساحر قصده الشر، وهذا المذهب من أفسد مذاهب العالم وأخبثها، وهو مبني على إنكار الفاعل المختار وأنه - تعالى - لا يعلم الجزئيات، ولا يقدر على تغيير العالم، ولا يخلق شيئا بمشيئته وقدرته، وعلى إنكار الجن والملائكة ومعاد الأجسام، وبالجملة فهو مبني على الكفر بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر.
وليس هذا موضع الرد على هؤلاء وكشف باطلهم وفضائحهم؛ إذ المقصود ذكر طرق الناس في المقصود بالشرائع والعبادات، وهذه الفرقة غاية ما عندها في العبادات والأخلاق والحكمة العلمية
نامعلوم صفحہ